نحو قانون إنتخابي عادل لمجلس النواب (2)
أقول أن القانون الجديد والذي يجب أن يتسق مع أحكام القانون وخصوصًا المادة 102 بشكلها الجديد، سيغير من شكل النظام الإنتخابي وتوزيع مقاعدة أيضا بعد إستبدال المواد 243 و 244 والتي جعلت تمثيل الفلاحين والعمال والشباب والمسيحيين والأشخاص ذو الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج من مواد إنتقالية إلى مواد دائمة ودستورية، تستدعي دخولهم ضمن القواعد المحددة لنظام القوائم الإنتخابية في القانون الجديد.
وقد وصفت مشروع القانون الأول لإنتخابات مجلس النواب 2015 في شكله الأول بأنه “غير دستوري”، وأنه لم يراعي نص المادة 102 من الدستور المصري 2014.
حيث تنص المادة على (تقسيم الدوائر الإنتخابية بما يُراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، وكذا التمثيل المتكافئ للناخبين).
وهي المادة التي جاهرت بأن واضع القانون في رسمه لخريطة التوزيعات للدوائر الإنتخابية لم يستطع تطبيقها بشكل حقيقي. مما يهدد القانون كله بعدم الدستورية وإجراء الإنتخابات بالبطلان، وهو ما حدث بالفعل.
لكن هناك متغير أخر هام ويمثل أساسا يمكن البناء عليه نحو قانون “شبه” عادل للإنتخابات البرلمانية الجديدة، وهو صدور قانون ينظم العملية الإنتخابية لمجلس الشيوخ المصري بعد عودته من جديد في التعديلات الدستورية الأخيرة.
حيث قسم فيها المشرع عدد مقاعدة إلى 240 مقعدًا، يعتبر ثلثهم (80 نائب) عبر نظام القائمة، و80 مقعدا أخر عبر النظام الفردي.
علاوة على ذلك، على أن يختار رئيس الجمهورية الثلث الأخير المكون من 80 نائبا، لتكتمل بهذه الكيفية أركان الغرفة الثانية في القوة التشريعية في مصر.
وقد قسمت مصر إلى أربع قطاعات تمثل أربع قوائم إنتخابية، إثنين منهما 28 مقعد لكل قطاع، والقسمين الباقيين مكون من 12 مقعدا لكل قطاع، ليكون المجموع الكلي لعدد مقاعد تلك القطاعات والقوائم الأربع 80 نائبا لنظام القائمة.
وتمثل القطاع الأول من محافظات (القاهرة – القليوبية – الدقهلية – المنوفية – الغربية – كفر الشيخ ) بمجموع 28 مقعدا، والقطاع الثاني ( الجيزة – الفيوم – بني سويف – المنيا – أسيوط – الوادي الجديد – سوهاج – قنا – الأقصر – اسوان – البحر الأحمر ) بمجموع 28 مقعدا.
فيما كانت القائمتان الباقيتان تشمل قائمة شرق (الشرقية – دمياط – السويس – بورسعيد – الاسماعيلية – شمال سيناء – جنوب سيناء) بمجموع 12 مقعد، وقطاع غرب المكون من (الإسكندرية – البحيرة – مرسي مطروح) بمجموع 12 مقعدا.
ولأن المشرع واضع القانون قد قام بتقسيم تلك الدوائر الإنتخابية لمجلس الشيوخ وبنسبة 50% قوائم + 50% فردي، متسقا مع الأسس الديمقراطية والإنتخابية بأن يكون عدد الناخبين لكل نائب متساويا وبإنحراف معياري لا يتجاوز النسب العالمية.
فإنه ولا بد من مراعاة ذلك التوزيع عند وضع قانون تقسيم الدوائر الإنتخابية لمجلس النواب الجديد، وليكون متوافقا مع تلك الدوائر والقطاعات التي تم تقسيم مقاعد مجلس الشيوخ عليها.
فليس من المتوقع أن تخالف تلك الدوائر والتقسيمات الجيوسياسية مثلها في تقسيمات مقاعد البرلمان، وإلا ستكون سابقة ليس لها تفسير أو تبرير، وعليه فإنه يمكن البناء عليها في تقسيم دوائر القانون الجديد.
لكن المعايير التي وضعت في تقسيم دوائر مجلس الشيوخ قد راعت المناصفة بين مقاعد الفردي والقائمة، وهو الشكل الذي يبدو أن رغبة واضع القانون الجديد لا تتفق معه.
مما يجعلنا أمام معضلة دستورية – من وجهة نظري – ليس لها حل سوى إعتماد القائمة المغلقة في نفس قطاعات مجلس الشيوخ للفئات المحمية دستوريا فقط، دون إضافة أي شخصيات عامة لها، مما يخرجنا من عدم دستورية القانون، بل يجعله دستوريا وشحيحا وعادلا.
كما ستتسق التقسيمات الإدارية للمجالس التشريعية كلها بشكل يعبر حقيقا عن تكامل المجلسين وتمثلهما العادل والمنطقي للناخبين عبر توزيعهم الجغرافي.
فليس من الصحيح أن يكون الناخب في مركز ما يختار ممثله في مجلس النواب مع مركز أو قسم أخر، فيما يفاجئ نفس الناخب بتقسيمات إدارية وإنتخابية مختلفة في إنتخابات مجلس الشيوخ، مما يمثل – من وجهة نظري – تضاربا وتشتيتا للناخبين وللنظام الإنتخابي كله.
وعليه فإنني أقترح أن يتم إعتماد تقسيم تلك القطاعات والدوائر الإنتخابية التي أعلنت في مجلس الشيوخ على نظيراتها في قانون مجلس النواب الجديد.
وحسب التقسيم المعلن يمكن أن يتم تقسيم مقاعد القائمة والفردي، على المحافظات في مجلس الشيوخ، أن يكون لكل دائرة إنتخابية في جمهورية مصر العربية مرشحا واحدا لمجلس الشيوخ مقابل 4 مرشحين لمجلس النواب.
معيار أخر دستوري يجب أن يلتفت إليه مشروع القانون الجديد وهو تمثيل المحافظات ذات الكثافة السكانية والانتخابية القليلة والتي لا تحقق الإنحراف المعياري المطلوب للقانون.
وهذا الأمر لا يتأتي سوى بثلاث أشكال أساسية، وهو إما الإنتخاب بالنظام الفردي الكامل، مما يمنح كل محافظة حقها ونسبتها الواضحة من عدد أدنى للنواب بعيدا عن معدل الانحراف المعياري.
أو أن تكون الانتخابات لبقية المقاعد بالقائمة المغلقة النسبية، ولكن لكل محافظة، ولا يتم دمج محافظتين مع بعضهما البعض في هذا النظام ضمانا لتمثيل جميع المناطق بعيدا عن عدد الناخبين.
ونحن نقصد بها محافظات ( الوادي الجديد – الأقصر – أسوان – البحر الأحمر – السويس – بورسعيد – الاسماعيلية – شمال سيناء – جنوب سيناء – مرسي مطروح ) والتي لن تمثل بأي ناخبين إذا تم ادماج عدد من المحافظات في نظام القوائم المغلقة النسبية.
وإلا فسيضطر المشرع إلى وضع قوانين ملزمة بترتيب رؤس القوائم من هذه المحافظات لضمان تمثيلها، وهو ما سيهدم النظام بأكمله، ويجني على بقية المحافظات بالكامل.
الحل الثالث والأخير هو أن يتم تضمين قوائم فئات التمثيل الإيجابي ممثلين عن هذه المحافظات خصما من نسبة المرأة حتى 4 سيدات، وبقية الفئات 7 مقاعد، وفتح باب دمج بعض المحافظات في القوائم المغلقة النسبية – غير أني لا أفضل هذا الحل.
أن عودة عدد مقاعد مجلس النواب إلى 480 مقعدا يتسق مع عودة مجلس الشيوخ إلى الساحة السياسية، ويجعل من الممكن المطالبة أيضا بعقد انتخابات مجلس النواب مع مجلس الشيوخ في نفس التوقيت، حيث تتسق الدوائر الانتخابية تماما مع بعضها البعض.
وسيوفر هذا الأمر 3 مليارات جنيه مصري على الأقل قيمة عقد أي انتخابات بشكل منفرد، خصوصا أن الانتخابات للمجلسين ستكونان متتاليتين حسب المواعيد المقترحة.
بقلم|عمرو الهلالي