ميلاد حامد: رحلة إبداعية تجمع بين التراث العراقي والفن العالمي في عواصم الموضة
يلتقي موقع بوابة القاهرة مع الفنان العراقي المبدع ميلاد حامد، الذي يُعَدّ من أبرز الأسماء العراقية في مجالي الموضة والفن التشكيلي على الصعيد العالمي.
ميلاد حامد لم يكن مجرد فنان عادي؛ بل هو رمز للإبداع الذي استطاع بمهارته أن يدمج بين التراث العراقي العريق والرؤى المعاصرة، ليقدم للعالم تصاميم تحمل في طياتها عبق الحضارات.
فوزه بلقب بطولة كأس العالم للموضة في مهرجان لندن كان مجرد بداية لرحلة إبداعية متميزة، ترك خلالها بصمات واضحة على خريطة الموضة العالمية.
أسس ميلاد حامد مدرسة فنية في بغداد، والآن يُكمل مسيرته الإبداعية في فيينا حيث يدير مدرسته الخاصة.
تصاميمه ليست مجرد ملابس، بل هي أعمال فنية تحمل روحًا عميقة وتُجسد توازنًا فنيًا دقيقًا بين الأصالة والحداثة.
يتأثر “حامد” بالفنان العالمي غوستاف كليمت، ما يظهر بوضوح في تصاميمه التي تمزج بين التراث الغني والفلسفة الفنية المعاصرة.
تفاصيل المجموعة الجديدة لصيف وخريف 2024 في هذا الحوار الخاص، نغوص في أعماق رحلته الفنية ونتعرف على كيفية تحويل إبداعاته إلى لغة عالمية تحتفي بروح العراق وجمالياتها الفنية.
سنبدأ بالحديث عن مجموعته الأخيرة لصيف وخريف 2024، التي أطلقها في عرض مذهل ضمن مهرجان أورنمو للفنون الراقية في فيينا.
لم تكن هذه المجموعة مجرد تشكيلة أزياء، بل كانت تعبيرًا حيًا عن رحلة إبداعية امتدت لعقود، حيث جمعت بين الفخامة والبساطة والرومانسية الحالمة.
اختيار الأقمشة والطبعات تميزت تصاميم ميلاد حامد في هذا العرض بالابتكار والاهتمام بالتفاصيل، إذ استلهم هذه المجموعة من التراث الفاخر والأناقة البسيطة.
ركز على استخدام الأقمشة الفاخرة التي جمعت بين الأناقة والراحة، مثل الحرير والصوف الفاخر، بالإضافة إلى الأقمشة المستدامة التي تعكس التزامه بالاستدامة البيئية. ما جعل هذه التصاميم فريدة هو استخدامه للأقمشة بتشطيبات ناعمة وخطوط نظيفة، مع تقليل الزخارف لصالح تصاميم تجمع بين الجمال والبساطة.
أما في مجال الطبعات، فقد تألق حامد باستخدام طبعات مستوحاة من أعمال الفنان غوستاف كليمت، إلى جانب النقوش المستلهمة من الكتابات السومرية القديمة، ما أضفى على التصاميم عمقًا ثقافيًا وحضاريًا.
وكانت هذه الطبعات تظهر بشكل واضح على القطع الكاجوال مثل القمصان والفساتين، مما جعل التصاميم تمتزج بشكل متوازن بين الفخامة والبساطة.
لوحة الألوان والقصات اعتمد ميلاد حامد على ألوان الموسم مثل الأبيض والأسود والبيج، وأحيانًا مزيج من هذه الألوان، لتقديم تصاميم تعبر عن رؤيته العميقة. هذه الألوان الكلاسيكية، جاءت لتعكس روح الرقي والأناقة التي تمثل جوهر مجموعته.
كما ركز على قصات عصرية وخالدة، مثل الفساتين بدون أكمام والقمصان القصيرة، التي تمنح مرتديها إحساسًا بالحرية والراحة مع لمسة من الرومانسية الحالمة.
التعاون مع وكالات الأزياء والعروض، أعرب الفنان ميلاد حامد عن سعادته بالتعاون مع وكالة 1st Place Models، التي ساعدته على تقديم مجموعته بأبهى صورة. العارضات العالميات مثل model Elizabeth E, model Elsa K أضفن لمسة من الأناقة الرفيعة على العرض، ليعكس هذا التعاون رؤية ميلاد للجمع بين الفخامة والبساطة.
كما تحدث عن جلسات التصوير التي أدارها فريق محترف بقيادة المصورة الفنية Anna Raisa وخبيرة التجميل Carmen، اللتين أضافتا لمسات نهائية جعلت التصاميم تتألق بشكل فريد.
فلسفة تصميم الأزياء عند ميلاد حامد خلال الحديث، أشار ميلاد إلى أن تصميم الأزياء بالنسبة له تتجاوز كونه مجرد مهنة، فهو يرى فيه تعبيرًا فنيًا عميقًا يستلهمه من تجاربه الشخصية وحضارات العالم القديم. منذ طفولته، تأثر بفن التصميم من والدته، التي كانت مصدر إلهامه الأول، ليصبح لاحقًا أصغر مصمم أزياء عراقي تنال أعماله إشادة الصحافة.
كما تطرق الفنان إلى مصادر إلهامه التي تتنوع بين حضارات بلاد الرافدين ومصر القديمة، حيث يرى في دراسة هذه الحضارات مصدرًا لا ينضب للإبداع.
ومن خلال رؤيته الفنية، يسعى ميلاد دائمًا إلى تقديم تصاميم تعكس قضايا إنسانية واجتماعية معاصرة.ويترجمها إلى رسائل فنية تعبر عن قضايا حقوق المرأة والرجل و قصص الحب وغيرها من الموضوعات.
لطالما كان خيالة الواسع ركيزة أساسية في عمله حيث يحرص علي تعليم طلابه كيفية إطلاق العنان لمخيلتهم وأبدعها، ويتدخل في أدق تفاصيل أعماله لضمان أن تكون بصمته واضحة في كل شيء.
المشاركات والمعارض المستقبلية على مدار مسيرته الفنية التي تجاوزت ٥٠ عام، شارك ميلاد في العديد من المعارض الفنية المرموقة في العراق والعالم العربي وأوروبا، وكان آخرها في فيينا ضمن معرض “الماء سر الحياة”.
كما أعرب عن دافعه لتأسيس معهد للموضة في العراق، بهدف تطوير هذا التخصص في المنطقة ودعم المواهب الشابة. وتوجيهها جزء من مسؤوليتي كفنان أكاديمي مؤكدًا على سعادته في ان يري طلابه يحققون النجاح ويؤسسون مشاريعهم الخاصة بعدما بداوا من الصفر.
فيما يتعلق بمشاريعه المستقبلية، يعمل ميلاد حاليًا على مجموعة مهمة يسعى لعرضها في متحف غوستاف كليمت للفن الحديث، كما يواصل التحضير لمشاريع أخرى تعكس رؤيته الفنية المتجددة.
هذه المشاريع الجديدة تعكس مزيجًا رائعًا من الرومانسية واللمسات الشرقية بروح أوروبية معاصرة، وهي دليل على استمرارية تطور رؤيته الفنية.
ختامًا، فإن تصاميم ميلاد حامد تمثل رؤية شاملة للجمال تجمع بين الفخامة والبساطة، لتخاطب عشاق الأناقة في كل مكان، وتبقى شاهدة على رحلة إبداعية مليئة بالشغف والابتكار.
فيينا: دعاء أبو سعدة