“عائشة” عن حلف يمين الطلاق: بيقضوا على عمرنا في بيت أقرب لتربة
الرباط المقدس علاقة بين زوجين تحكمها المودة والرحمة، ولكن عندما يغيب معنى الرباط فتصير العلاقة مليئة بالتناقضات وكره الذات، وهذا ما عايشته “عائشة” مع زوجها كثير حلف يمين الطلاق والكذب والتعنيف، إن حلف اليمين جعل حياتها بائسة “على كف عفريت” تتعلق بأيمان واقعة لا تعرف مدى قبول الله لكفارته من عدمها، ولكنها تعلم أن بركة حياتها ضائعة لخوفها من لقب “مطلقة” ووصمة العار التي ستوصمها بها عائلتها، وعن هذا روت لـ”بوابة القاهرة” عن مشكلتها.
حلف يمين الطلاق
“تقريبا أنا اتطلقت منه فوق الـ20 مرة. وكل مرة يرجعني ويقولي أنا سألت شيخ وعملت كفارة حلف اليمين وأنا بصدق وأقول الذنب يشيله هو المهم متطلقش”.
هكذا روت “عائشة” عن أيمان زوجها التي يقذفها بها عند كل موقف. فيهددها بـ الطلاق إذا ذهبت السوق، وإذا زارت خالتها، وإذا خاطبت جارتها، وإذا تركت صغيرها يلهو بالشارع.
الحلف بالطلاق أصبح كـ”بلة ريقه” غير آبه لما قد يحتويه اليمين من تقديس ولا معنى المسئولية التي تحتويها قوامته في إيقاع الطلاق.
ولكن صار حلف يمين الطلاق رائجا حتى فقد قدسيته على لسانه وأصبحت فاطمة مهددة في كل موقف بالطلاق والتشريد.
وجدت “عائشة” نفسها محاطة بالعديد من المحظورات التي تجدها تافهة لا تستحق الطلاق فإبنة الـ30 عاما. عاشت مقيدة بيمين يقع عند أول سهو منها.
معاناة المرأة المطلقة
وتسائلت “عائشة” ماذا ستفعل بعد الطلاق وهي تحمل على عاتقها أعباء طفلين. كيف سيتقبلها المجتمع وهي لا تحتكم على مورد رزق، كيف تعيش موصومة بلقب مطلقة على حسب ما صنفها أهلها والمحيطين.
أهل “عائشة” لم يحركوا ساكنا عندما علموا بسحقها وضربها ليلا ونهارًا. لم تعنيهم ابنتهم وهي ضائعة تائهة بين أحضان وحشا كاسرًا لا يفرق بين مفهوم الرجولة وتنفيذها.
فتقول “للأسف لو مرة نسيت وخرجت أنشر الغسيل كعادة أي ست وأفتكر أنه حالف اليمين عليا في خناقة ما أخرج أبقى خلاص كده أنا طالق، يروح للشيخ ويرد حلف يمين الطلاق باطعام 10 مساكين، وأنا بصدقه وأعيش“.
على الرغم من أن حالة عائشة ليست الحالة الوحيدة التي تعاني من الطلاق بسبب حلف اليمين الواقع. خاصة بعد أن أصبح الحلف بوقوع الطلاق سمة واضحة على معظم الرجال، خاصة في الأماكن الشعبية.
وكانت الأمم المتحدة أصدرت تقريرًا في العام الماضي، أكدت فيه أن مصر تحتل المركز الأول عالميا في معدلات الطلاق. أشار التقرير إلى وجود 250 حالة طلاق يوميا، بمعدل حالة طلاق كل أربع دقائق.
كما أشار التقرير إلى ارتفاع نسبة الطلاق في مصر من 7% إلى 40%، في الخمسين سن الأخيرة، ليصل عدد المطلقات في مصر إلى 4 ملايين مطلقة.
حلف اليمين
لم يكن حلف اليمين فقط هو أزمتها ولكنه كان سببا لشعورها بعدم الأمان، وشعورها بإنعدام البركة في المنزل.
فعائشة تُضرب وتُسحل وتُسب بأبشع الألفاظ أمام أطفالها بسبب وبدون، أو بسبب الخلافات الزوجية العادية التي تحدث في كل بيت بسبب مصروف المنزل أو خلافات الأبناء.
ولكن دائما ما يكون عقاب “عائشة” مضاعف بسبب عصبية زوجها، ومرضه، فكان يضربها بعصا المكنسة مهشما عظامها لمجرد ردها عليه.
والمرات الكثيرة التي تركت له المنزل كانت تعود خائبة الرجى محملة بالخيبة، بعد أن يعنفها أخيها هو الأخر لتعود أدراجها لذلك الوحش الكاسر.
فتقول: “أنا اشتكيت منه لأهلي كتير وأتحايلت عليهم يرحموني من ذله وضربه فيا وكثرة حلف يمين الطلاق عليا، لكن محدش سمعني وخوفوني من الناس وكلامهم، وبصة الناس ليا لما اتطلق ومعايا عيلين”.
وأضافت: “قالولي هتعيشي خدامة لأخوكي ومراته بلقمتك، وهتبقي جربه الستات تخاف تدخلها بيوتها لتخطف جوزها، خلوني أفكر في كلامهم اللي لقيته فعلا صح“.
أقنعوا “عائشة” بقبول وضع لن يقبله إنسان على كرامته خوفا من النظرة المجتمعية، نظرت عائشة للمحيطين ووجدت أن النماذج غير مبشرة.
فصديقة “عائشة” الصدوق سوف تخبئ عنها زوجها، وأخيها سوف يمارس نفس قهر زوجها عليها بل وأكثر.
ناهيك عن نظرة تلك الفئة المجتمعية لأبناء المطلقة بإعتبارهم فيروس متنقل موصومين بطلاق والداهم.
وكأن الطلاق هادم للقيم والخلق، والرجل هو عمود الأخلاق التي به تستقيم حيوات وتقُتل حيوات أخرى.
فتختتم حديثها قائلة “استسلمت آه للحياة وأنا عايشة ميتة مخنوقة مذلولة مكسورة. ببان للناس اننا بيت راجل وست وعيال وهو أقرب للقبر”.
“كل اللي في البيت جثث مايعرفوش معنى السعادة ولا الحياة. شكرا للمجتمع اللي بيقضي على الباقي من عمرنا تحت اسم بيت أقرب لتربة“.
كتبه| داليا فكري