حضانة الأم لأبنائها ومتى تنتهى شرعًا
اهتم الإسلام بالأسرة اهتمامًا بالغًا ودقيقًا، يشمل جميع علاقاتها وتفاعلاتها وظروفها، ومع حرص الإسلام على استمرارية الأسرة وديمومة بنائها جعل لمشكلاتها المُتوقعة حلولاً استباقية وأحكامًا تُخفف وطأة هذه المشكلات والآثار المُترتبة عليها.
وقد ناقشت الشريعة جميع المُشكلات المنبثقة عن أيّ تغييرٍ في حياة الأسرة ومسارها. فشرعت الطلاق ليكون الملجأ لحالة انسداد الآفاق الإيجابية لاستمرار علاقة الزواج، ورتَبت لآثاره أحكامًا تشمل جميع أطراف الأسرة.
جاء اهتمام الشريعة بالأبناء مُنسجمًا مع احتياجاتهم البيولوجية والنفسية والتربوية والعاطفية، فكان تشريع الحضانة للأطفال بعد الطلاق مبنيًا على مُتغيراتٍ عديدة وظروف مخصوصة يُستحكم فيها بعيار المصلحة الأولى للطفل وحياته وأمانه.
والحضانة هي، الرعاية والحماية والتربية، والإسلام شرع حضانة الطفل لإعطائه حقوقه في الرعاية والحماية، أجمع أهل العلم والفقه على أحقية الأم بحضانة أولادها إذا طلبتها وتوفرت فيها شروط الحضانة.
واستدلوا على الحكم بما نُقل عن رسول الله عليه الصَّلاة والسَّلام فيما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما (أن امرأةً قالت: يا رسولَ اللهِ إن ابني هذا بطني له وعاءٌ، وثديي له سِقاءٌ، وحِجري له حِواءٌ، وإن أباه طلَّقني وأراد أن ينزِعَه مني. فقال: أنتِ أحقُّ به ما لم تَنكِحي).
ومن هنا فأولى النساء بحضانة الصغير هي أمه، ووصف المشرع الحضانة بأنها حق للأم إلا أن المشرع يشترط في الأم أو من لها الحق في الحضانه عدة شروط: أن تكون الحاضنة بالغة عاقلة حرة غير مرتده، وأن تخلو من الأمراض أو العاهات على نحو يُعجزها على القيام بمهام الحضانة.
بجانب ذلك أن تكون أَمينة على المحضون، كما إذا تكثر من الخروج لإحترافها ( العمل )، فسقوط حق الحاضني في هذه الحاله ليس هو الإحتراف، وإنما هو ضياع الصغير واهماله.
كما تضمنت الشروط ألا تكون الأم متزوجة من أجنبي عن الصغير، سواء دخل بها أو لم يدخل، وألا تُقيم به في بيت من يُبغضه، كأن تُقيم جدته لأمه به مع إبنتها، أو المحضون وزوجها الأجنبي عنها.
فإذا تخلف شرط من هذه الشروط سقط عن الحاضنة الحق في الحضانة، وانتقل إلى من يليها في الترتيب، وعلى ذلك إذا تزوجت الأم من أجنبي عن الصغير وسقطت عنها الحضانة بالزواج فإن حقها في حضانة الصغير يعود إليها إذا طُلقت من الزوج الأجنبي.
ونضيف: إن فقد الحاضنة للإبصار ليس بمانع من الحضانة، وزواج الحاضنة من أجنبي عن الصغير مُسقطًا حقها في الحضانة، بما يستوجب نقل حضانة الصغير إلى من يليه، أما لو تزوجت الحاضنة من قريب مُحرم للصغير كعمه مثلًا فلا يُعد هنا الزواج مُسقطًا للحضانة.
أما في حالة تزوج الأبوان كل منهما من أجنبي عن الصغير، تعين ضمه إلى حاضنة من النساء من ناحية الأم، فإن لم يُوجد فهنا يُعتمد ضمه إلى أمه رغم زواجها من أجنبي فهذا أفضل من تركه إلى زوجة أبيه.
ونشير إلى أن الحضانة لا تنتقل من حاضن إلى آخر، الإ بحكم قضائي، ويثبت الحق في الحضانة للأم ثم للمحارم من النساء. مقدمًا على من يدلي بالأم على من يدلي بالأب.
وذلك على الترتيب التالى: الأم ثم والدة الأم، فإن علت فوالدة الأب، وأن علت فالأخوات الشقيقات، فالأخوات للأم، فالأخوات للأب. ثم بنت الأخت الشقيقة، ثم بنت الأخت للأم وهكذا.
فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء، إنتقل الحق في الحضانة إلى الأب، ثم أب الأب، وإن علا ثم الأخ الشقيق. ثم الأخ الأب، فإبن الأخ الشقيق، فإبن الأخ للأب، فالعم الشقيق فالعم للأب، ثم عم الأب الشقيق، فعم الأب للأب، فإبن العم الشقيق، فإبن العم للأب.
واخيرًا حق الأب في انتقال الحضانة إليه إذا لم تتقدم صاحبة الحق فيها من النساء، فليس على المحكمة البحث على صاحبة الحق في الحضانة.
بقلم القانوني| محمود سلامة