النظرات القاتلة
قد يشعر بتلك النظرات القاتلة الكثير من الشباب والبنات، فهم هولاء الذين يُعانون ويفهمون تلك النظرات التي تكون أحياناً أقوى من طلقات الرصاص التي تخترق قلوبهم وأجسادهم.
هؤلاء الأشخاص يشعرون في تلك اللحظات بنوع من الإنكسار واليأس والحزن، على الرغم من أن الكثير منهم ليس في يده شيئاً وليس مسئولاً عن ذلك.
فالبنت التي تخطت الثلاثين والأربعين من عمرها ولم تتزوج فهي ليس لها حيلة في ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للشاب.
ولكن يأتي لهم البعض من الأقارب والأصدقاء أسبوعياً يجرحوهم بتلك النظرات وبعض الكلمات التي تكون عفوية من البعض منهم.
وقد تكون كلمات خبيثة من البعض الأخر، وكلاً حسب هدفه وحبه لهذه الفتاة أو لهذا الشاب، فالبنت في تلك اللحظات تحاول أن تتماسك ولكن بداخلها إنكساراً وحزناً عميق.
قد يكون هذا الأمر من حقها فهي ترغب في أن تفرح وتعيش حياتها مثل زميلاتها وهي تراهم سُعداء وينعمون بحياة مُستقرة مع أزواجهم وأولادهم.
لذا من حقها أن يكون لديها طفل وتعيش فترة الأمومة، فتلك اللحظات هي لحظات قاتلة عليها وعلى على من يعيش فيها.
إقرأ أيضا للكاتب| الفيس بوك أخطر من الإدمان
لأنه يتولد نوع من الشعور بالأحباط والحزن واليأس، وقد يسأل البعض منهم لماذا أنا الذي يحدث لي ذلك؟ لماذا أعيش في حزن والدموع على خدى يومياً؟
لماذا يجرحني الأخرين؟ فلماذا يأتي الجرح دائماً من أقرب الناس إلى قلبي؟ فهي أسئلة عديدة تدور في العقل والقلب لمن يحدث له ذلك الأمر.
فأنا لن أقول هُنا كلمات رنانة أو غير واقعية لمن يعيش هذا الموقف لإني أعلم جيداً مدى الألم العميق الذي يسكن بداخل القلب.
وقد مررت بظروف مشابه وأعلم مدى الضغط النفسي الذى يعيش صاحب المشكلة فيها من جرح وحزن ويأس وغيرها من الأمور الأخرى، ولكن أقول لكم مهلاً على أنفسكم فأنتم لستم الوحيدين في هذا العالم الذي يعيش تلك المواقف الحزينة.
ولكن يجب على الأنسان أن يكون أقوى من ذلك وأن يتحلى بالصبر ويعلم إنه قادر على المواجهة وأن ما يحدث ليس تقصيراً منه بل حكمة ربانية.
فعسى أن يكره الشخص شيئاً مُعين ويكون في هذا الأمر خيراً له كثيراً، وهو لا يعلم، فكن واثق في رحمة وحكمة الله فهو لا يظلم أحداً.
ولكن يجب ألا تكون ضعيفاً وتفقد الثقة بنفسك أبداً، وأنا لا أتحدث عن موضوع الزواج فقط بل كافة أمور حياتك مثل فقدان الوظيفة سواء وجدت عمل ولم تُكمل فيه أو لم تجد عملاً من الأساس.
وكذلك فقدان الأهل والأصحاب، فلا تجعل أي شيئاً من ذلك يُؤثر فيك ويحولك لإنسان أخر تتنازل عن مبادئك وقيمك وأخلاقك.
فأنا أتذكر قصة زوج يعيش مع زوجته وأبنائه حياة سعيدة، وفي أحد الأيام فقد وظيفته ولم يستطيع أن يصرف على بيته أو يدفع قيمة الإيجار.
بالتالي تدخل أهل الزوجة وأخذوا بنتهم وأولادها عندهم لحين إيجاد عمل، ومرت الأيام بلا عمل ويتدهور حاله من وقت لأخر.
حتى قال له والد الزوجة أنت إنسان فاشل وعاطل وبلا قيمة في المجتمع، وستظل شحات لن تجد الطعام لنفسك حتى تجد طعام لزوجتك وأبنائك.
كانت تلك الكلمات قاسية مثل طلقات الرصاص التي أخترقت قلبه، وخرج الشخص من هذا الموقف وكله يأس وأحباط وإنكسار.
وبدأ يتجه إلى طرق أخرى من أجل المال حتى وصل به الحال إلى الموت في أحد عمليات القبض على بائعي المخدرات.
فهو لم يكن قوياً وصلباً بما فيه الكفاية لكي يواجه كلام قاسي من أقرب الناس إليه وتخلي الزوجة عنه في تلك المواقف العصيبة، فهو كان هش قد انكسر وغير من مبادئه وحياته مع أولى ضربات الحياة له.
لذلك يجب على كل شخص يعيش تلك المواقف أن يكون كما قالت الحكمة لا تكن يابساً فتُكسر ولا تكن ليناً فتُعصر فخير الأمور الوسط.
يجب عليك أن تكون قريب من الرب في تلك اللحظات وتدعوه فهو الرحيم والحنان الذي لن تجد أحن منه عليك في هذا العالم.
وأن يتحلى هؤلاء الأشخاص بالقوة ويكون عندهم يقين دائماً بأن بعد العسر يسراً، فيجب على كل أنسام أن يكون عنده ثقة في الله وأن يجتهد ويفعل ما عليه.
ويترك الأحداث الباقية لرب الناس وليس للناس ولكلام الناس، ما دمت تعمل ما عليك وليس في يدك شيئاً.
وسوف يٌكرمك الله، فقد يكون تلك الأحداث أختبار بسيط لمعرفة مدى رضاك بقصاء الله وقدره حتى يرضيك الله بعد ذلك من النعم الكثيرة ويتحقق لك ما تتمناه وأكثر.
وأعلم لكي تنجح في حياتك يجب عليك أن تعيش حياتك وترضى بما فيها من لحظات سعادة وحزن، فالأيام تتقلب كما تتقلب فصول السنة بين الشتاء والصيف والربيع والخريف، وثق دائماً أن الخير قادم حتى لو تأخر.
بقلم| الدكتور عماد عبد الحي الأطير