البدوي والخليفة والنديم.. حدوتة مصرية من حكاوي التراث
البدوي والخليفة والنديم هي حدوتة مصرية من حكاوي التراث المصري تكتبها لكم بوابة القاهرة، وذلك نحو غد مشرق للأسرة المصرية عامة ولأطفالنا خاصة.
دخل رجل من البدوِ على بعض الخلفاءِ، وحدَّثه على أمور كثيرةٍ أجاد فيها، فأُعجب بأدبِه وذكائِه وسعِة معارفِه، ورغب إليه أنَّ يلزمَ مجلسه ولا يحرمه أُنسه.
وكان للخليفةِ نديم (الجليس) لئيمُ الطبعِ خبيثُ الطويّة (النية)، فحسد البدويَّ وأضمر له السُّوء، وصار يتلطَّفُ به حتى أخذه إلى منزلهِ، وطبخ له طعامًا أكثرَ فيه الثُّوم ، وغرف الأكل وقال للبدوي: إياك أن تقرُبَ من الخليفة فإنه يشُمُّ منك رائحة الثوم فيشمئز منها.
ثم بادر إلى الخليفة وقال له: إن البدوي يُذيع بين الناس أنك أبخرُ(هو الذي رائحة فمه كريهة)، وأنه هلك من رائحةِ فمِك.
فلما دخل البدوي على الخليفة، جعل كُمَّه على فمهِ مخافة أن يشم منه رائحة الثوم، فعند ما رآه يفعلُ هذا تحقق صِحّة كلام النديم.
فكتب كتابًا إلى أحد عُمّالِه يقول فيه: “إذا وصل إليك كتابي هذا فأضرب رقبة حامله( أي اقتله)”، ودفع إليه الكتاب، وقال له امضِ إلى فلان وأِتني بالجواب.
إقرأ المزيد| علاج الجفاف عند الاطفال في المنزل
فأخذ البدوي الكتاب وخرج به، فبينما هو بالباب إذ لقيه النديم، فقال له: أين تُريد؟ قال: أذهبُ بكتاب أمير المؤمنين إلى عاملِه فلان.
فقال النديم في نفسه: إن هذا البدوي لينالُ من هذه البعثةِ مالًا جزيلًا فلا بد أن أحتال عليهِ حتى أكون أنا بدَلَه، فقال له: يا هذا ما رأيُك فيمن يُريحك من التعب الذي يلحقُك في ذهابك ويُتحِفُك بألفي دينار؟ قال: لك الأمرُ.
فقال: هات الكتاب، فسلَّمه إليه، وأعطاه النديم ألفي دينار، وسارَ بالكتابِ إلى الجهة المقصودة فلما قرأه العامل أمر بضرب رقبة الحامل.
وبعد أيامٍ اتَّفقَ أن جرى ذِكرُ البدوي في مجلسِ الخليفة وقيل إنه بالمدينة يلهو ويمرح بين وردٍ وريحان وأصحابٍ وخُلّان، فتعجب الخليفة مما سمعه وأمر بالبدوي، فأُحضر وسأله عن حاله، فأخبره بما كان من أمرِ الكتاب.
فقال له أأنت قلت للناس عني كيت وكيت؟، قال: معاذ اللهِ يا أمير المومنين، أن أتحدث بذلك، وقص عليه قصته مع النديم يوم أخذه إلى بيته وأطعمه الثوم، فأستغرب الخليفةُ تلك الحادثة ولم يقضِ منها العجب.
وقال: سبحان الله إن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.
كتبها| أحمد سلامة