أسباب الانتحار بين النساء.. حالات: الدنيا فجأة بقت زي خرم الإبرة
على الرغم من “حرمانيته”، وعلى الرغم من أنَّ الله نهانا عن التفكير فيه، إلا أنَّ بعض النساء والفتيات لجأن إلى الإنتحار حلًا بديلًا لإنهاء الحياة التي ضاقت عليهن، فالأهل والأسرة لم يقدرا حالة الاكتئاب التي وصلن لها تلك الفتيات والسيدات، فكان الرد البالغ هو قرار الانتحار، ندمن عليه وعلمن قيمة الحياة بعد نجاتهن فشاركن “بوابة القاهرة”، تلك التجارب، لنتعرف من خلالها على بعض أسباب الانتحار بين النساء.
أسباب الانتحار بين النساء
وعلمًا بأن مصر احتلت مركزًا لا يُستهان به في نسبة الانتحار التي وصلت نحو 4200 حالة سنويًا. فلم تُركز الأبحاث على السبب الحقيقي وراء زيادة تلك النسب. وهل العامل الاجتماعي والاقتصادي فقط كفيلين بالوصول لهذا القرار الأثم؟
أما أن الحالة النفسية تحمل العبء الأكبر، فنهال ونهى، شاركن تجربتهن مع الانتحار والندم والعظة. كان مطلبهم الوحيد من مشاركة قصصهن لـ”بوابة القاهرة”.
تعرف على| حكم التفكير بالانتحار
نهال: مهما داقت بيكي الدنيا متفكريش في الانتحار
تقول “نهال: “مهما داقت بيكي الدنيا وحسيتي أنها عاملة زي خرم الإبرة. متفكريش في الانتحار لأن التجربة مش بالساهل وبتموت جواكي الإحساس”.
قالت نهال الفتاة التي لم تكمل العشرون عامًا قراراتها الخاطئة كانت من أهم أسباب الانتحار بين النساء. فعندما قررت أن تحب وتخطئ ألمها قلبها. وعندما قررت أن تصحح الخطأ ألمها ضميرها. فهي أمنت بمن أحبت وسلمت له نفسها على أمل الزواج.
وعندما علم بحملها رفض أن يتقدم لأهلها وطالبها بإسقاط الحمل. لأن المدة التي أمامهم للزواج لن تحتمل شهور الحمل التسع.
وبالفعل استجابت وإتبعت وصفات طبية مجربة بين صديقاتها فأجهضت. “لما أخدت قرار أني أنزل البيبي كان هو والانتحار واحد. لأني يا عالم كنت هخرج من التجربة دي عايشة ولا ميتة. وكان أول قرار بجد بينلي أني رخيصة عند نفسي وأن الموت أرحملي”.
فترة المراهقة أخطر أسباب الانتحار
وسرعان ما فر الحبيب هاربًا بعد حادث الإجهاض. خوفًا من أن تتكرر المأساة فقطع صلته بضحيته. بل وأشاع بالجامعة أنها من ترمي حالها عليه. وهي مجرد علاقة عابرة لم تتقبل مبدأ الفراق. وبالتالي مطاردتها له كانت تأكيدًا لما أُشيع، فقررت بعدم الذهاب لكليتها والمكوث خلف الأبواب.
تقول: “قفلت على نفسي الباب والدنيا. واسترجعت شريط ذكرياتي معاه. وقد ايه الثقة في إنسان وهو مش قدها. وقد إيه النفس بتهون لما فرطت في شرفي وعرضي وابني. وكان كل اللي في بالي ساعتها أن ايه يعني أما افرط في حياتي وفي لحظة نفذت”.
استرجعت نهال قرارها الضعيف بمفارقة الحياة ولم تلوم أحد سوى نفسها وقلبها. فقطعت شرايين يديها. وانتظرت نهاية العذاب. إلا أن ملاك أخيها الأصغر أبى أن تكون نهايتها هنا وأنقذها الصغير من الموت المؤكد. بعد أن دخل غرفتها وصُوعق بمنظرها وصرخ في العائلة لتنقذ نهال.
الندم على الانتحار
عندما استفاقت من كبوتها واسترجعت عافيتها. علمت أن الحياة أقصر من أن تندم على تجارب خاطئة. وعلى الرغم من إتعاظها إلا أن صوت الموت ما زال على مسامعها وصوت الله كما وصفت كان كفيل برجها وبكائها بدون دموع وبدون حركة عقب قطع شراينها.
فتقول “في لحظة ما قطعت شرايني حسيت بصوت هزني بيقوللي ياخاطية ياكافرة محدش هيبكي عليكي. كان اللي جاي في بالي أني عاوزة أمسك شرياني إلا بتنزف وأسدها. كنت عاوزة أرجع في إلا عملته. بس قوتي مش مساعداني”.
وتستكمل حديثها: “عرقت جدا وضعفت واستسلمت. وكان كل إلا حواليا ضباب وأصوات مش مفهومة. ومش سامعه غير عياط أخويا الصغير وصوت أمي وهي بتصرخ. وكأن ذنبي مش هتخلص منه وعاري هيطول قلوب مالهمش ذنب في اختياري. ولو رجع بيا الزمن تاني عمري ماهكرر التجربة”.
الانتحار بسبب العنوسة
وقد كشفت إحصائية صادرة عن المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة. عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة. حيث أقدمت حوالي 2700 فتاة على الانتحار سنويًا بسبب العنوسة.
ورغم ذلك، إلا أن تجربة نهى أثبتت أن الزواج أيضًا وعدم اختيار الشريك المناسب من أسباب الانتحار بين النساء.
تعنيف زوجها لها وسخريته منها وخيانته التي لم تتجرأ أن تعترض عليها كانت سببا كبيرا لانتحار نهى في سن الـ28 عاما. خاصة بعد أن تخلى الأهل عنها عندما طلبت منهم بضرورة الطلاق من زوجها.
اعتاد زوج “نهى” على سبابها أمام أطفالها، مما زعزع من شخصيتها. كما أن سخريته منها أمام أهله وأمام الأطفال أفقدتها ثقتها بنفسها وجعلها تدرك أن الحياة في كنف هذا الزواج سواء مع الموت. ففتحت ذراعاها للانتحار ترحب به.
فتقول: “الضرب والشتيمة والخيانة حسسوني أني زي النعجة أو أي حيوان مالوش لازمة ومش من حقه يثور. لما كنت بواجه جوزي بخيانته يقولي أنتي عامله زي البقرة روحي شوفي نفسك وشوفي النسوان وماتحسبيش أنك تتعدي منهم”.
فكانت تصمت “نهى” وتكتفي بالبكاء. وعندما رفضت الحال وذهبت لبيت والدها ترجوه بأن يطلقها من هذا الوحش الكاسر وجعلته يشاهد أثار الضرب. أمرها بالصبر والدعاء. وقال لها أن الأزواج كثيرا ما ينهرون زوجاتهن ولكن في وقت ما يهديهم الله ويكفي أنه يأتي ليلا ويبات في بيته.
الاكتئاب العقلي سبب قوي للانتحار
ووفقًا لأحدث الدراسات فقد أكدت احتمالية الانتحار تزيد عشرة أضعاف لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب العقلي. وهو المرض الذي يصيب 1% من سكان العالم، ويعاني منه 900 ألف مواطن مصري. فنهى وصلت لحالة من الاكتئاب وقلة الحيلة جعلتها تنفذ انتحارها بدون تخطيط.
لم يرحموا بكائها ولا تعبها. وعندما علم الزوج بشكواها لأهلها هاج وأخرج براثنه وضربها ضربا مبرحا. فلم تسمع غير صوت صراخها وصوت بكاء الأطفال وصوت الجيران اللذين بطرقون الباب من هول صراخها.
وفي لحظة جرت على الشرفة وألقت بنفسها منها. لحظة صمت وعدم إدراك. فتقول “مابين ضربه فيا وتكسير عضمي وصوت الناس والدم بيشلب مني”.
وتابعت: “سمعت صوت صفارة اختفي بيها صوت الناس ونورت البلكونة كأني مش شايفة غيرها. وتصورتلي كأنها باب خروجي من الدنيا. وجريت ورميت نفسي ومش فاكرة غير ريحة التراب وطعم الدم وكأن جسمي والأرض كومة واحدة”.
الانتحار بسبب العنف ضد المرأة
شعور أليم من سيدة فقدت معنى أمانها. فحاميها وسندها هو محطمها. ولكن الندم وصوت الضمير والقوة التي ولدت معها من جديد جعلت من نهى إمرأة أخرى. وكأن الأنثى التي ألقت بنفسها وتساوت بالأرض أنبتت أنثى غيرها أشد قوة وأحكم في القرار.
فتمردت على الزوج وأصرت على الطلاق وخلعته على الرغم من أهلها. وتركت له الأبناء وتركت له البيت واستقرت في بيت آخر مع صديقات تعرفت عليهن. وعملت واستأجرت شقة. ورفعت قضية حضانة على الزوج واستردت الأطفال من براثنه واكتسبت احترام نفسها وأهلها وأبنائها.
فتقول: “مش بيقولوا التجربة إلا ماتكسركش تقويك، أنا بقيت إنسانه تانية خاصة بعد ما عظمي أتكسر وقعدت في الجبس سنة بتعالج. كان كل فكري في السنة دي أني أخف وأقف على رجلي وأقوى. وأهلي اتعظوا من إلا جرالي وبطلوا كلمة عيشي وخلاص”.
وتسكمل: “سبحان من نجاني من الموت عشان أقوى وأخد عيالي في حضني وأنجدهم من الراجل اللي مالوش علاقة بالرجولة والانسانية. والتجربة خلتني أعرف قيمتي وأدور على اللي ضاع مني”.
كتبه| داليا فكري