آخرها فتاة الشرقية.. خبراء يطالبون بتطوير النهج الوقائي والثقافي لمناهضة العنف ضد المرأة
في الآونه الأخيرة طالعتنا الصحف والسوشيال ميديا بأكثر من قضية، تنذر بوجود كارثة أخلاقية في المجتمع، منها قضية نيرة أشرف، وشيماء جمال، وقضية فتاة الشرقية الطالبة بكلية الإعلام.
جرائم ووقائع ضج حديثها، وأجبرت الكثيرين على متابعتها، فهل ذلك إشارة إلى إستمرار العنف ضد المرأة، والذي بدوره يؤدي إلى إلحاق الأذي النفسي والجسدي، وإنتهاك لحقوقها وأنسانيتها، مما يؤثر على الأسرة والمجتمع.
وكانت الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشف من خلال دراسة في نهاية العام المنصرم، أن العنف النفسي هو الأعلى من بين أنواع العنف ضد المرأة في الفئة العمرية بين 18-64 سنة.
وأشار المركزي إلى أن العنف النفسي قدر بنسبة 22.3%، و11.8% للعنف الجسدي، ثم العنف الجنسي 6.5%، موضحة أن العنف النفسي يقل مع ارتفاع الفئة العمرية.
وتعود أسباب العنف ضد المرأه من العادات والتقاليد والأعراف التي تقلل من فرص المرأه في العمل والتعليم وتعود إلى تعرض المرأه للإيذاء اثناء فترة الطفولة نتيجه الخلافات بين الأبوين.
أحداث العنف ضد المرأة لا تتوقف عند قضية مقتل نيرة أشرف وقضية فتاة الشرقية، فهناك من تموت في اليوم أكثر من مرة، فقصص الحياة كثيرة وغنية بالعنف، ولذلك استمعت “بوابة القاهرة” لعدد من السيدات حول العنف في المجتمع.
تقول (ف.م) مدير عام،إغن المرأة نصف المجتمع ويجب علينا احتوائها واحترامها، لأنها الأم والزوجة والأخت والخالة والعمة، لذلك يجب أن تكلل بكل احترام وحب.
وتابعت: ولكن في الفترة الأخيرة أصبحنا نسمع عن المعاملات القاسية من بعض الرجال للنساء وخصوصا في عمر الشباب فيضرب الزوج زوجته، ويقتلها لطلبها مصاريف للأبناء في المواسم والأعياد، كلها أشياء مفروضة عليه يجب القيام بها، لأنه المسئول الأول والأخير.
وتقول (ه.م) موظفة، أنا زوجة مظلومة طوال حياتي، تزوجت زواج صالونات، ورزقت بزوج لا يعرف المسؤوليه ولا يتحملها، وأنجبت ولدين، وكنت مسؤولة عن تعليمهم وأكلهم وكافة مصاريفهم، لأن الأب كان بيتهرب من مسؤولية الإنفاق، وكان يخاصمني بالشهور لأسباب لا تذكر، وفطنت أنه كان بيتهرب من الأنفاق على أولاده حتى تخرجوا من الجامعة، ومازلت أنفق عليهم.
وتقول (ر.ا) خريجة كلية قمة، أنا تزوجت بعد تخرجي من الجامعة زوجا من الأرياف، وفي بداية زواجنا كان طيب الأخلاق ولكن دوام الحال من المحال، أُصبت بعدة أمراض، وكان هو من أسباب هذه الأمراض.
وتابعت: كانت معاملتة قاسية ومليئة بالعنف، على الرغم من حسن معاملتي معه، وما أكتشفته بعد ذلك هو اختلاف طبيعة الحياة بيننا، فالعادات والتقاليد مختلفة إلى حد حدوث فجوة بيننا، مع استغلاله لوفاة أبي، وطيبة وضعف أمي.
وأضافت: كبروا بناتي وهم وسط خلافات مستمرة بيننا، فكان يضغط علي بالشتائم والأهانات، مما تسبب في مرضي وسوء حالتي.
ومن هنا بعد تناول قصص من الحياة، بدلًا من أن يصبح بعض الرجال هم السند والقيمة للمرأة، يتحول إلى كابوس تحاول التخلص منه، حيث وصلت جرائم الشروع في قتل النساء لـ 78 جريمة في الآونة الأخيرة.
إن الإسلام كرم المرأة ورفع من قدرها ومنزلتها ومنحها حقوقها على أكمل وجه، وأن النبي “صلي الله عليه وسلم”، غضب حين ضربت امرأه في عهده.
أكدت دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية أنه من بين كل 4 نساء تتعرض للعنف من قبل أحد أفراد الأسرة، فلماذا وصل بينا الحال إلى الاحصائيات المشار إليها عالية.
تقول آيه أمين، متخصص في العلاج النفسي بجامعة القاهرة، لـ”بوابة القاهرة” إن رجال اليوم لم يعد لديهم صبر نتيجة للضغوط الاجتماعية والاقتصادية، ووجوده خارج المنزل طوال النهار، مشيرة إلى أنه أحيانا تكون الزوجة هي التي تعنف الزوج، وأحيانا يكون الزوج عنيف بطبعة.
وحول قضايا القتل الأخيرة والتي آخرها قضية فتاة الشرقية، تقول: إن التراكمات والاختلافات يؤدي إلى أن يتخذ الزوج أو الطرف الآخر خطوة صعبة نحو الاندفاعية.
مشيرة إلى أن اسباب ذلك ناتج عن تعاطي المخدرات، أو اضطراب شخصية الزوج أو الطرف الآخر، وتعرضه لضغوط نفسية، مؤكدة أن أغلب الحالات التي تستقبلها العيادة النفسية، منها عدم انفاق الزوج على زوجته، أو امتناع الزوجة عن اغطاء الزوج حقوقه الشرعية، أو تناوله للمخدرات.
وأوضح إيهاب حجاج، مستشار قانوني ورئيس اللجنة القانونية بجمعية المرأة المعيلة، لـ”بوابة القاهرة” إن القانون والشرع جرم أي حالات تعدي للأسرة، أما بمطالبتها بالطلاق أو الخلع.
وحول حوادث القتل في الآونة الأخيرة كحادثة نيرة أشرف، وشيماء جمال، وطالبة الشرقية خريجة الأعلام، يقول المستشار القانوني، أن القانون الوضعي جرم هذا العنف الممارس من الرجل وجعل لها عقوبات رادعة وسريعة حتي يكون هناك وقفا لهذه المهزلة المجتمعية، لأننا في مجتمع له قوانين وعقوبات ولسنا في غابة.
وأشار إيهاب حجاج إلى أن القضاء على العنف ضد المرأه يتطلب العمل على زيادة الوعي والثقافة داخل الأسرة وبين جميع أفرادها، والعمل على توزيع المسؤوليات وتقسيم المهام بين الرجل والمرأه من أجل الواجبات المنزلية، وتوعية الرجل بأهمية احترام شريكة حياته، وتطوير نهج وقائي وتدابير قانونية وثقافية لتعزيز حماية المرأة، والإهتمام بقضايا التعليم لتعديل السلوكيات الاجتماعية والثقافية، وحث الفن على تقديم فن خالي من العنف والجريمة، وتناول المثل الأعلى والقدوة من خلال الفن، والبعد كل البعد عن الفكر الهابط في جميع المجالات الفنية.
مؤكدًا أن المجتمع بحاجة عاجلة إلى وقف مثل هذه الجرائم البشعة، وقبول الرأي الآخر بلا عنف أو ممارسات سلبية ضده، وأن يصبح مجتمعنا مثل وقدوة للأجيال القادمة.
تحقيق| رشا إبراهيم