موسم أصيلة الثقافي يبدأ دورته الـ45 بندوة عن النخب العربية في المهجر
انطلقت فعاليات الدورة الخامسة والأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي بالمملكة المغربية، بمشاركة نخبة من رجال السياسة والفكر والعلوم والثقافة من المغرب والخارج.
تتميز هذا الدورة تحت رعاية الملك محمد السادس بمبادرة من مؤسسة منتدى أصيلة، بالشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وجماعة أصيلة خلال الفترة من ١٣ إلى ٣١ أكتوبر، بتنظيم العديد من الندوات ضمن الدورة ٣٨ لجامعة المعتمد ابن عباد المفتوحة.
وبدأ موسم أصيلة الثقافي ثاني ندواته عن (النخب العربية فى المهجر : التحدي القائم والدور الممكن)، والحديث عن تجربة الجاليات العربية فى المهجر، وانعكاسات الوجود العربي في المهجر على القضايا العربية الكبرى، ومستقبل الحضور العربي فى بلدان المهجر.
وتناولت الندوة عن النخب العربية بالمهجر ودورها في تحسين الصورة الذهنية للعرب بالخارج، وأهم التحديات التى تواجه النخب العربية فى المهجر، وكيف يمكن التغلب عليها، وكيف يمكن للنخب العربية أن تساهم فى بناء جسور التواصل بين المجتمعات العربية والمجتمعات الغربية، وما دور الثقافة والفن فى تعزيز الهوية العربية بالمهجر، وانعكاسات الوجود العربي على القضايا العربية الكبري، ومستقبل الحضور العربي فى المهجر.
وناقشت ندوة في الدورة الـ45 من موسم أصيلة الثقافي الدولي، مساء الخميس الماضي، دور النخب العربية في المهجر. أكد المشاركون، من خبراء ومفكرين وأساتذة جامعيين مغاربة وأجانب، على ضرورة تجاوز مفهوم الهوية التقليدي وتشكيل لوبيات قوية تمثل العرب في الدول الغربية.
وأشار الكاتب سلماوي إلى أن العرب لا يزالون قوة بلا فاعلية حقيقية مقارنة باللوبي اليهودي، مما يتطلب تعزيز التواصل وتغيير الصور النمطية الخاطئة عن العالم العربي.
وأكد السيد محمد بن عيسى إلى أن الندوة تركز على ثلاثة أبعاد رئيسية. أولاً، تقييم تجربة الجاليات، والتساءل حول مستقبل هذه الجاليات فى الغرب.
من ناحيته اعتبر الدكتور أحمد الزبير أستاذ التعليم العالى بالمعهد الجهوى بالرباط ومنسق الندوة أنه لابد من الاهتمام بقضايا الهجرة والأمن والتنوه الثقافى والهوية، وأكد على أن النخب المهاجرة ما حققته بالخارج جعلتهم أفراد فاعلين فى المجتع الغربي لهم بصمة كبيرة فى المجال الاقتصادي والسياسي والرياضي.
وصرحت الدكتورة كاتيا غصن استاذ بجامعة باريس الثامنة أن موضوع النخب فى المهجر موضوع له أهمية كبيرة لارتباطه بالنخب الثقافية ومساهماتها فى القضايا المعاصرة، وأن لكل بلد عربي تقاليد وتراثه الثقافى والحضارى يصعب الحديث عن ثقافة عربية مختلفة.
وأشارت إلى أن الأساتذة العرب تفاعلوا بشكل كبير بجامعات الخارج وساهمو فى تفاعل فكري كبير، وأصبح هناك نخبة فكرية مميزة لها تأثيرها على الوسط الأكاديمي.
وتحدث وزير الخارجية الليبي الأسبق محمد الهادي الدايري، عن إيجابيات المهاجرين من تسجيل تحويلات وتدفقات مالية كبيرة لدول المنشأ مما يساهم فى تطويرالاقتصاد الوطنى للبلد الأم.
وأوضح أن تحويلات المصريين شكلت قفزة تاريخية في يونيو الماضي، بفضل مخططات الحكومة المصرية، فيما بلغت تحويلات اللبنانيين 6 مليار دولار سنة 2023، إذ يعتمد لبنان على تحويلات المغتربين التي تخطت في السنوات الماضية 7.2 مليار دولار، مما ساهم في إنعاش الاقتصاد الذي تعرض لهزات كبيرة، علما أن أغلبها تأتي بالدرجة الأولى من لبنانيي أستراليا والأميركيتين.
وأشار الدايري إلى نجاح الجاليات العربية في أميركا اللاتينية في الاندماج، دون تغيير نمط حياتهم، حيث سمح لكل واحد بتبني نمط عيش المجتمع المحلي وفق إيقاعه الخاص.
من جانبه، قال الكاتب والروائي والناقد المغربي، أحمد المديني، تحدث عن الهجرة الصامتة إن الهجرة المضادة تتزايد في صمت في خضم الأحداث الاجتماعية والتحولات التي تشهدا فرنسا أخيرا والتي اهتزت معها قيم المساواة وانتصر فيها التعصب الوطنياتي مع صعود اليمين المتطرف، لتدفع أفرادا للتخلي عن البلد.
أما خطار أبو دياب، المحلل السياسي، والأستاذ في العلوم السياسية في باريس(لبنان)، كان له اقتراح بان النخب العربية في المهجر يجب ان تلعب دور الجسور والناقل الثقافي للاستفادة من الإيجابيات ومناقشة الغرب، وأضاف كيف يمكن للنخب أن تلعب دورا إيجابيا في قضايا دولها؟
بدوره، أشار الكاتب المصري محمد سلماوي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة المصري اليوم الصحفية، إلى احتياج العرب اليوم لنخبهم في المهجر أكثر من أي وقت آخر خاصة بعدما نشهده من اهتمام عالمي بالقضية العربية الأولى والمحورية وهي فلسطين بسبب الصمود الأسطوري في غزة.
وتساءل محمد سلماوي:”هل يتحول العرب الأميركيون لورقة ضغط مؤثرة؟ مذكرا بأن موجات الهجرة الحديثة في النصف الثاني من القرن العشرين كانت بسبب الأزمات الاقتصادية التي ألمت بالدول العربية، ونسبة أخرى من طالبي حق اللجوء بسبب عوامل ضغط جراء المشاكل السياسية والدينية والاجتماعية في دولها.
وسجل سلماوي توالي موجات الهجرة منذ 1880 في أميركا وحتى الآن، إذ يقدر عدد العرب الأميركيين حوالي 3.7 مليون يحمل 85 في المائة منهم الجنسية الأميركية، وتعود أصولهم لمهاجرين من لبنان ومصر وسوريا وفلسطين والعراق، علما أن ولاية ميشيغن الأميركية تعتبر مقر التكتل الأكبر للعرب، مبرزا اقتحام أميركيين من أصول عربية المجال السياسي فأصبحوا من النواب البارزين في الكونغرس.
وشدد سلماوي على أن العرب ظلوا قوة دون فاعلية حقيقية مقارنة مع جاليات تتصدرهم جماعات الضغط اليهودية، نظرا لكونهم لم ينجحوا في التأثير على موقف الغرب وخاصة أميركا لصالح القضايا العربية، فكان همهم الأول محاولة الاندماج في المجتمع ومسايرة اتجاهاته وليس تخفيف تمييزه الذي كان سيقف في طريق تقدمه.
وأوضح سلماوي أن الإسلام المتطرف جعل العريضة الأكبر من الغرب تتوجس شرا من الجاليات العربية أن الأمر يحتاج لصحوة شعبية للضمير الإنساني في العالم لإدانة جرائم إسرائيل.
وأشار سلماوي إلى سعي المرشحة الرئاسية الأميركية، كمالا هاريس، لكسب الأصوات العربية، من خلال تعيين مسؤولة من أصول مصرية للتواصل مع الجاليات العربية والحصول على تأييدها في نوفمبر المقبل، كاعتراف لأول مرة بثقل الجاليات العربية وكونها مكون أساسي من مكونات المجتمع الأميركي.
وأضاف قائلا: “والتجربة اليهودية تجربة واضحةللعيان، فإسرائيل لم تسيطر على العالم ولم تحكم أميركا باليهود، بل بأعوانها وأتباعها والمنتمين لها داخل هاته الدولةولكنهم يخدمون الدولة الأم”.
كتبه: دعاء عبد الرحمن