ما تحتاجه الأسرة في قانون الأحوال الشخصية الجديد
بعد توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل لجنة قضائية وقانونية لإعداد قانون الأحوال الشخصية الجديد والتي بدأت بالفعل، وتسعى بجهود كافة لاستقبال المقترحات من المواطنين المهتمين والمختصين بالأمر، لدراستها وتنقيتها بما يتوافق مع المطلوب في إعداد القانون.
ولاحظت على السوشيال ميديا منذ الإعلان عن تشكيل اللجنة، بحالة تبدو وكأنها حرب بين الرجل والمرأة، وإيمانا منا بأهمية الأسرة في المجتمع كونها نواته التي أن صلحت صلح المجتمع بأسره، وأن فسدت فسد المجتمع.
لذا أرى أنه يجب أن يكون النقاش حول تعديل بعض أحكام هذا القانون في إطار من الإيجابية التي تهدف إلى الوصول لأحكام ونصوص عادلة لصالح الأسرة بصفة عامة، وليست في صالح طرف على حساب الآخر.
وحرصت من هذا المنطلق أن أرصد بعض النقاط التي تثير الخلفات وتعرقل صلاح الأسرة وتلحق الضرر بها ومنها ما يلي:
- حضانة الصغير
تناولت المادة 20 وتعديلاتها من القانون تنظيم حق الحضانة من حيث تحديد سن انتهاء حق حضانة النساء للصغار ثم ترتيب أصحاب الحق في الحضانة
اولا: فيما يتعلق بتحديد سن حضانة النساء للصغير والصغيرة
قررت المادة سالفة الذكر، أن ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشرة، ويخير بعد هذا السن في البقاء مع أو في يد الحاضنة دون أجر حضانة حتي يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.
وهذا الأمر يؤثر سلبًا على علاقة الأب بصغاره، لآن وصول الصغير إلى هذا السن وهو في يد الحاضنة (غالبا تكون الأم) بعيدا عن والده، يفقده الإحساس بالبنوة ويجعل قلوب الأبناء على الآباء كالحجارة أو أشد قسوة، مما يؤدي إلى جفاء العلاقة بين الأب وصغاره، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار تدني المستوى التعليمي والثقافي لمعظم الحالات.
إن الصغير طوال هذه المدة يتجرع كرها لوالده حتى يحين وقت التخيير في البقاء مع الحاضنة، فيكون من الطبيعي أنه سيختار البقاء في يد الحاضنة دون والده.
ويساعد في ذلك ايضا ما تقرره أحكام الرؤية في ظل القانون الحالي (والتي سنتناولها تفصيلا فيما بعد)، فالأب لا يرى صغاره إلا مدة ساعتين أو ثلاثة كل أسبوع، وهذا أمر كافي للقضاء على أواصل المودة والرحمة.
ثانيا: فيما يتعلق بترتيب من لهم حق الحضانة
قررت المادة السالف ذكرها، بأن يثبت الحق في الحضانة للأم، ثم للمحارم من النساء مقدما فيه من يدلي للأم على من يدلي بالأب (الأم فأم الأم وأن علت، فأم الأب وأن علت..).
وهذا يعني أنه إذا ما لم تتوافر في الأم شروط استحقاق الحضانة أو تحقق ما يسقط هذا الحق عنها فإن حضانة الصغار تكون للتي تليها وهي أم الأم، وهذا أمر يفرغ القانون من مضمونه ويفقده غايته، لآن انتقال الحضانة إلى أم الأم (الجدة لأم) غالبا ما يكون أمرا صوريا على الورق فقط لا غير.
- حق الرؤية (تنظيم الرؤية)
نظمت المادة السابقة ايضا حق الرؤية، حيث قررت بأن لكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة، وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين.
أما إذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقا نظمها القاضي، ولا ينفذ حكم الرؤية قهرًا ولكن إذا أمتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر، أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضي نقل الحضانة مؤقتا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها.
والواقع العملي دائما ما يكون الحكم الصادر بالرؤية في أحد مراكز الشباب أو الأندية لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات أسبوعيا في الجمعة من كل أسبوع فقط لا غير، إن هذا أمر بالغ الأثر السلبي على علاقة الأب بالصغار وإحساس كلا منهم بالآخر.
لذلك أرى أن ما تحتاجه الأسرة في قانون الأحوال الشخصية الجديد من ضمن مقترحات تعديل القانون ما يلي:
تعديل إنتهاء حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن (ما بين السابعة والعاشرة)، ووضع استثناء في حالة فقد الأم لأحد شروط الحضانة أو سقوطها عنها، تكون للأب أو تقديم أم الأب على أم الأم.
أما في حالة نقل المحكمة الحضانة من الحاضنة بسبب عدم تنفيذ حكم الرؤية تنقل في هذه الحالة لصاحب الحق في الرؤية (المحكوم له بالرؤية) حتى تتحقق الغاية من النص.
إعطاء الحق للأجداد في الرؤية للصغار حتى مع وجود الأبوين مع التنسيق في حالة صدور حكم لأحد الأبوين والأجداد.
النص صراحة على حق الأب في استضافة صغاره أسبوعيا وفي الإجازات والأعياد الرسمية وضرورة تفعيل دور مكاتب التسوية والاخصائيين المتواجدين اثناء تنفيذ حكم الرؤية بعقد جلسات دورية بين أفراد الأسرة أو بين الأب والأم في وجود الصغار، لزيادة التوعية الأسرية والمجتمعية والعمل على توفير المناخ المناسب لتنشئة الصغار في بيئة صحية حتى في حالة انتهاء العلاقة الزوجية بين الأب والأم.
تقوم هذه اللجان بوضع تقارير سنوية بشأن إستجابة الأب والأم من عدمه، وتأثير ذلك على الصغار.
بقلم الدكتور| إيهاب حجاج
خبير قانوني