منارة الإسلام

لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم وما هو فضل الصيام فيه؟

يبحث الكثيرون عن لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم و”المحرم” دائما يكتب وينطق بحرفي الألف واللام، وهو أول الشهور الهجرية ومن الأشهر الحرم الأربعة.

لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم وباقي أسماءه

تعددت الأقاويل حول سبب تسمية شهر المحرم بهذا الاسم حيث أن العرب كانت تُحله عاماً وتُحرمه عاماً آخر، فسمي بذلك تأكيداً على حرمته.

يقول الله تعالى في كتابه الكريم “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.

أوضحت الآية القرآنية الكريمة تعظيم حرمة الأشهر الحرم الأربعة، فقد خصّها الله تعالى بتحريم الظلم فيها الذي هو محرم بشكل مطلق.

ماذا يسمى الشهر المحرم في الجاهلية

تعددت الأقاويل حول الأسماء التي كان يُطلقها العرب على شهر المحرم، فكان يسمى الشهر المحرم في الجاهلية “مُؤْتَمِر”، أو “المُؤْتَمِر”، وكان يطلق إسم “المحرم” حينها على شهر رجب.

كما كان يسمى ايضا بـ “الأصمّ” نسبة إلى خُلوّه من القتال فلا يسمع فيه صوت الأسلحة ولا يشاهد فيه حركة للقتال، وسمى أيضا بـ “صفر”.

وكان يطلق عليه في الجاهلية وبالتحديد “صفر الأول” تمييزاً له عن الشهر الذى يليه وهو “صفر الثاني”، إلى أن سمي بـ”المُحرَّم” وصار علماً له.

شهر الله المحرم

قال “الحافظ السيوطي “أن العرب خصَّوا المُحَرَّم بقولهم “شهر الله” دون سائر الشهور، لأن الشهور كلها جاء إسمها على ما كانت عليه في الجاهلية، إلا شهر المحرم، كان يسمى شهر الله المُحَرَّم، في الجاهلية صفر الأول، وبقدوم الإسلام سمَّاه الله “المحرم” لذلك أضيف إلى الله تعالى وسمىي بشهر الله.

ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصيام بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل”.

من الملاحظ أن السنة الهجرية تبدأ بشهر من الأشهر الحرم وتنتهي بشهرين منها، وهذا دليل على أن العام متواصل وتزكية النفس وعدم ظلم الآخرين مع الأمر بالعدل، والحث على التقوى والخوف من الله واجب في جميع أيام السنة.

يقول الإمام الرازي: “ومعنى الحرم: أن المعصية فيها أشد عقاباً، والطاعة فيه أكثر ثواباً، والعرب كانوا يعظمونها جداً حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه لم يتعرض له”.

فضل شهر الله المحرم

وبعد توضيح لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم نتطرق إلى فضل شهر الله المحرم حيث يُعد صيامه كتطوع مطلق.

وهذا الشهر أفضل أيام الصيام بعد رمضان، خصه الله بإضافته إلى نفسه حيث يسمى بـ “شهر الله” وهو يدل على عظيم فضله.

ومن فضائل شهر الله المحرم، به يوم “عاشوراء” وهو يوم أظهر الله تعالى فيه الحق ونجى نبيه موسى “عليه السلام” من فرعون وجنوده.

فضل صيام عاشوراء

ومن فضل الصيام في شهر المحرم حيث شرع صيام اليومين التاسع والعاشر، أو اليومين العاشر والحادي عشر منه، كما يجوز صيام الأيام البيض وصيام يومي الاثنين والخميس أيضاً.

كما أن صيام الشهر كاملاً أمر مستحب، وذلك لما ورد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: أيُّ الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ قال: شهر الله الذي تدعونه المحرم).

وفي رواية أخرى، قيل أن طائفة من العلماء رجحوا بأرائهم أن شهر الله المحرم أفضل الأشهر الحرم، حيث قال ابن رجب: “وقد إختلف العلماء في: أي الأشهر الحرم أفضل؟ فقال الحسن وغيرُه: أفضلها شهر الله المحرم”.

وهناك طائفة من المتأخِّرين رجحت شهر الله المحرم وفقا لما أخرجه النسائي وغيره عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: «سألتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّ اللَّيلِ خيرٌ، وأيُّ الأشهُرِ أفضَلُ؟ فقال: خيرُ اللَّيلِ جَوفُه، وأفضَلُ الأشهُرِ شَهرُ اللهِ الذي تَدْعونَه المُحَرَّمَ».

فضل صيام عاشوراء

أحاديث عن فضل صيام شهر محرم

جدير بالذكر أن اليوم العاشر من شهر الله المحرم هو يوم عاشوراء، يوم عظيم صامه موسى عليه السلام يشكر الله فيه على نجاته من فرعون وجنوده.

وحرص نبى الله محمد صلّى الله عليه وسلّم على صيامه اقتداءً بموسى عليه السلام، حيث أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عباس “رضي الله عنهما” أنه قال: (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ”.

ويتعظم فضل الصيام في شهر المحرم وفقا لما ورد عن نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم أن صيام شهر المحرم مُكفِّراً عن سنةٍ قَبله.

قال: (صومُ يومِ عرفَةَ يُكفِّرُ سنتيْنِ، ماضِيةٍ ومُستقبَله، وصومُ عاشوراءَ يُكفِّرُ سنةً ماضِيةً) والمقصود هنا تكفير صغائر الذنوب.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ»”.

أحكام شهر الله المحرم

عزيزي الباحث عن لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم حرصا من “بوابة القاهرة” نتطرق في السطور التالية إلى أحكام شهر المحرم لتغتنم كل المعلومات حول الشهر الكريم.

أحكام شهر الله المحرم تحريم القتال فيه، وأختلفت الآراء حول تحريم القتال في الأشهر الحرم الأربعة فهناك ما يقول البدء بالقتال في هذه الأشهر في أول الإسلام محرمًا.

واستندت الآراء بقوله تعالى:‏ ‏”إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله”‏، وقوله تعالى‏:‏ “يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير”.

وذهب العديد من الفقهاء بعد ذلك إلى أن بدء القتال في الأشهر الحرم منسوخ وفقا لقوله تعالى‏ “فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم”، ووفقا لما حدث في غزوه “الطائف” التي وقعت في شهر ذو القعدة وهو من الأشهر الحرم.

وهناك رأى آخر يقول ‏أنه لا يزال محرمًا والدليل حديث جابر، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى ، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ”‏.

ولكن إتفق الفقهاء بإجماع على أن القتال في الشهر الحرام دفاعًا فيجوز من غير خلاف خاصة عندما يكون القتال دفاعا عن النفس.

حكم الصيد في الأشهر الحرم

أهتم القارئ الكريم حينما طرح سؤاله لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم إلى الاستفسار ايضا عن حكم الصيد في الأشهر الحرم.

أن حج بيت الله يكون في الأشهر الحرم فيحرم الصيد ما دام الإنسان حاجا وفقا لما ورد في قوله تعالى “وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا”.

ويوضح القرطبي: ”التحريم ليس صفة للأعيان إنما يتعلق بالأفعال فمعنى قوله: ”وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما” أي فعله وهو المنع من الاصطياد حالة الإحرام”، ومعنى هذا أنه يجوز لغير المحرم أن يصطاد الطير في الأشهر الحرم خارج الحرم.

حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما

الطاعات في شهر المحرم

وعن الطاعات في شهر المحرم مثله كمثل الأشهر الأخرى يستحب فيها تزكية النفس ومراجعتها، والتقرب لله تعالى بالإكثار من عمل الطاعات لتحقيق التقوى.

ومن الطاعات في شهر المحرم، إستحباب الصوم، والأكثار من النوافل كالصلاة ليلا، والذكر، وإخراج الصدقات، والحرص على فعل كل عمل صالح نتقرب به إلى الله عز وجل.

أحداث وقعت في شهر الله المحرم

وبعد تناولنا باستفاضة لماذا سمي شهر المحرم بهذا الاسم وما يتعلق به من فضائل وحرمات واستفسارات عدة تهم المسلمين، نتطرق فى التالي إلى أهم الأحداث التي شهدها “المحرم”.

شهد شهر المحرم وقوع غزوة نجد في سنة 2 هجريا، وخروج سرية أبي سلمة بن عبد الأسد إلى طليحة الأسدي سنة 4 هـجريا.

كما شهد الشهر خروج سرية محمد بن مسلمة والتي أسر فيها ثمامة بن أثال سنة 6 هجريا، وزواج نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم من صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها سنة 6 هجريا.

كما شهد ايضا، خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر سنة 7 هجريا، ووفاة أبي قحافة التيمي والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه سنة 14هجريا.

وشهد شهر الله المحرم بدء موقعة القادسية التى إستمرت ثلاثة أيام على أرض العراق بين جيش المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص وجيوش المشركين بقيادة رستم والجالينوس وغيرهم، سنة 14 هجريا.

وتوفيت مارية أم إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر المحرم سنة 16 هجريا، وإعتماد المحرم بدء السنة الهجرية بإشارة من عثمان بن عفان لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما سنة 16 هجريا.

وبايع عثمان بن عفان للخلافة رضي الله عنه 24 هجريا، وقتل الحسين رضي الله عنه يوم الجمعة سنة 61 هجريا، وإنسحاب المسلمين من قرطبه باتجاه غرناطة في الجنوب بعد هزيمتهم في معركة العقاب مع جيوش النصارى 609 هجريا.

كما شهد شهر الله المحرم وقوع واقعة المنصورة في مصر والتي إنتصر فيها المسلمون على الفرنجة سنة 648 هجريا.

كتبه| جهاد أمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *