شركات التمويل متناهي الصغر ومضاعفة حدة الفقر
في حين يقوم جهاز تنمية المشروعات بالسعي لتخفيف حدة الفقر في انحاء الجمهورية، بتمويل ودعم الجمعيات الأهلية ومساندة المؤسسات والجهات الوسيطة وتطوير قدارتها المالية والفنية والإدارية والمؤسسية لتمكينها من توفير خدمات التمويل، نجد أن بعض المواطنيين قد استاؤوا من بعض هذه الشركات.
انتشرت في الأونة الأخيرة منشورات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد تلك الشركات ومن يعملون بها، مما دفع البعض لزيادة وعي الناس بضرورة تجنب مثل تلك الشركات وقروضها لما سببته من أذى للمواطنين ومشاكل اجتماعية علاوة على المشاكل القضائية التي أصبحت تلاحق أغلبيتهم.
جهاز تنمية المشروعات وتمويل الجمعيات الأهلية
تصل عدد العقود القائمة مع جهاز تنمية المشروعات حوالي 400 جمعيه ومؤسسة أهلية، وتصل قيمة تمويل الجهاز للجمعيات والمؤسسات العاملة في مجال التمويل متناهي الصغر إلى أكثر من 5 ملايين جنيه تقريبا، ويتثنى لتلك الشركات الحصول على التمويلات التجارية من البنوك توازيا مع التمويلات التي تحصل عليها من جهاز تنمية المشروعات.
يقوم الجهاز بتمويل تلك الجمعيات لقدرتها على الوصول للعملاء في المناطق النائية والفقيرة مما يثنى لها القيام بأكبر قدر من التمويلات الصغيرة ومساعدة هؤلاء المواطنين اللذين يعانون حدة الفقر من زيادة دخلهم من خلال تمويل التجار والنساء المعيلات وأصحاب الحرف البدائية، ويضع جهاز تنمية المشروعات شروطاً واضحة واجب توافرها في الجمعيات وهي أن لا تقل خبرة الشركة عن ثلاث سنوات في مجال التمويل متناهي الصغر، وسابقة أعمال في منح القروض للعملاء في حدود ١٠ آلاف جنيه أو اكثر ضمن محفظة القروض لمدة لا تقل عن عام، ألا تزيد نسبة العملاء المتأخرين عن السداد لدى الجمعيات بنسبة 5٪ من اجمالي محفظتها، أن يكون المشروع الذي سيتم تمويله بأكثر من 10 آلاف جنيه سابق وانتهى العميل من سداده.
وفي ضوء ذلك يعطي الجهاز تراخيص لبعض الشركات بالزيادة في قيم التمويل فتصل إلى 200 ألف جنيه، وتعطي هذه الرخصة مقابل زيادة في قيمة الضرائب المفروضة على تلك الشركات فبعض الشركات تسعى بإتحاه تلك التراخيص والبعض الآخر لا، ولذلك لآن قيمة العائد لا تغطي قيمة الضرائب، حيث يقوم جهاز تنمية المشروعات بالبدء في تمويل المشاريع المتوسطة في المدن الكبرى وسيبدأ الإتجاه للأقاليم أيضا خلال العام المقبل، ذلك بالرغم من أنه يظل الاتجاه الأساسي والأكبر هو للمشاريع متناهية الصغر.
هل يمتلك المواطنون الوعي الكافي للتعامل مع القروض؟
يقع الكثير من المواطنين وخاصة النساء في القضايا ومواجهة المحاكم نتيجة للجهل بالقانون وسياسة تلك الشركات، حيث تقوم الشركات بإستهداف الطبقات المتدنية والفقيرة وتبعا للفقر فإنها تعاني الجهل أيضا وعدم الوعي الكافي بكيفية التعامل مع القروض وانشاء المشاريع، فرأس المال وحده لايكفي، وتبعا لعدم وجود وعي كافي تجد الكثير يخسرون أموالهم فيعجزون عن السداد، مما يؤدي لتفاقم الديون والمشاكل فتؤدي لخراب عيشتهم.
كما أن ارتفاع الفائدة في تلك الجمعيات تؤثر بشكل سلبي على التجار وأصحاب الحرف الصغيرة الذين يعانون من ارتفاع قيمة الاقساط والفوائد التي تصل إلى ٣٠٪ خلال عام فقط، رغم أن هذه الجمعيات حصلت على تمويلها بفائدة قليلة جدًا.
التمويل وأزمة الأسرة
تستهدف شركات التمويل المرأة المعيلة والعاملة وأصحاب المشاريع من النساء وذلك خلال الترويج للشركات فأصبح أكثر المقبلين على تلك القروض هم النساء.
يقول أحد الإخصائيين في إحدى شركات التمويل “تساهيل” أن النساء هم أكبر فئة تقبل على القروض الصغيرة كحد أدنى بقيمة 6 آلاف جنيه، وأن الغالبية العظمى منهن تقوم بعملية الإقتراض دون علم الأهل أو الزوج فتحدث الكثير من المشاكل عند عجز السيدات عن السداد في التوقيت المحدد كل شهر مما يلزم الإخصائي بأن يذهب للمطالبة بالقسط المتأخر فتحدث مشاحنات تنتهي في أغلب الأحيان بمشاكل أسرية تصل للطلاق، وهو ما كان له أثر سلبي على المجتمع، فالأسرة هي عمود المجتمع وتفككها ينعكس على المجتمع وخاصة الأبناء، ومن النتائج الأخرى هي المحاكمات.
البعض من النساء الذين لا يملكون الوعي الكافي بتلك الشركات والقوانين يقعون في فخ السماسرة الذين يأخذون بطاقاتهم الشخصية مقابل بضع جنيهات ثم يفاجئون بأن السمسارة لم تقم بسداد المبالغ التي أخدتها من الشركات ووجود أحكام قضائية عليهم ومن هنا اتت الفرص لنوع آخر من المستغلين للأوضاع التي تصيب المواطنين وهم “الرباويين” وهم أشخاص يقومون بإعطاء مبالغ للغارمين ومن وقعت عليهم قضايا لتسديد تلك المبالغ مقابل أن يردون تلك المبالغ الضعف في الوقت المحدد والمتفق عليه.
فى بداية عام 2020، وانتشار جائحة كورونا في مصر وتوقف أغلب الأنشطة الإقتصادية ونتيجة للحظر الذي فرض على البلاد وتوقف الأنشطة التجارية والأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم كله ومصر أيضا، فقد توقفت الحرف اليدوية بشكل نهائي ومنها صناعة السجاد وغيرها من الحرف كما توقفت الدراسة ونتج عنها توقف مدارس رياض الأطفال مما كان له نتيجة من توقف الدخل نهائيا لبعض الأسر التي تملك مثل تلك الانشطة.
وقتها كلف فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، البنك المركزي بتأجل أقساط القروض 6 أشهر بنفس الفائدة، وكان هذا لتخفيف وطأه الأعباء المالية على المواطنين والتزمت بذلك البنوك المصرية.
لكن بعض الشركات والجمعيات الأهلية، لم تجد في ذلك القرار أي صالح لها فأستمرت في المطالبة وزيادة أعباء المواطنين مما كان سبباً في قيام الكثير من المشاجرات بين المواطنين وموظفين الشركات والجمعيات فأدت إحداها لمقتل أحد الموظفين في شركة أنا المصرى و يدعى “عادل لطفي” في قرية طوخ، في محافظة المنيا، مما أدى إلى غضب واسع في المحافظة والمطالبات بحقه وذلك لمقتله اثناء تأدية عمله.
الكثير من المواطنين قابلوا ممارسات بعض تلك الشركات بالتعنت والعزم على عدم السداد فنجد أن رغم سعي جهاز تنمية المشروعات للتخفيف من حدة الفقر إلا أن تلك الشركات والجمعيات خسفت سعي الجهاز وأصبحت النتائج عكسية تمامًا وزادت من قضايا الغارمين.
بقلم| دعاء حداد