شرب الماء في رمضان بين الفوائد وأضرار الإفراط والكمية المناسبة
شرب الماء في رمضان كثيرًا ما يتردد في اذان الناس أنه يجب عليهم شرب ثمانية أكواب من الماء يوميًا، ولكن ليس من الضروري أن يكون هذا صحيحًا تمامًا.
هناك اعتبارات أخرى تحدد كمية شرب الماء في رمضان المناسبة التي يحرص عليها الإنسان يوميا مثل، السن ومستوى النشاط البدني وغير ذلك.
“وجعلنا من الماء كل شيء حي” بهذه الآية القرآنية جعل الله سبحانه وتعالى الحياة مرتبطة كليا بالماء، فالإنسان 70% من من مكوناته هو الماء.
لا يستطيع الإنسان أن يعيش أكثر من سبعة أيام دون ماء، فيعتبر الماء جزء أساسي من الحياة، ولكن ما المقدار الذي يجب أن يشربه الشخص يوميا بالفعل؟
فقد تكون المقولة الشائعة بين الناس ثمانية أكواب من الماء يوميًا مناسبة لبعض الأشخاص، ولكنها ليست توصية فرضية تناسب جميع الاشخاص بمعنى “مقياس واحد يناسب الجميع”.
يوضح بعض الخبراء أن هناك نقصًا في الأدلة العلمية التي تدعم هذه الإدعاءات، ولاحظ آخرون أن المروجين لهذه المقولة هم مصنعي المياه المعبأة في زجاجات.
وهذا ما يجعلنا نتسائل عن ما هي كمية الماء التي يحتاجها الشخص ومن أين يحصل عليها، وما هي مخاطر شرب القليل جدًا أو الكثير من الماء.
شرب الماء في رمضان بطريقة صحيحة
جرت العادة أن يفكر الصائمون في شرب المياه أكثر من تناول الأطعمة وخصوصا إذا كان درجة الحرارة مرتفعة، لذلك لابد من معرفة الكمية الصحيحة.
تقسيم شرب المياه خلال أوقات الصيام بطريقة وأوقات معينة حتى لا يسبب الأفراط في شرب الماء بإصابة الجسم بأضرار كعصر الهضم.
يجب شرب الماء في رمضان كالمعدل الطبيعي يوميا وهي، ما بين 8 إلى 10 أكواب في الفترة الممتدة بين الإفطار والسحور.
وينصح الخبراء مع بداية الإفطار بتناول كوبان من الماء مع ثلاثة حبات من التمر الجاف، ثم يتم تناول طعام الإفطار بعد بضع دقائق.
ثم بعدها بساعتين يفضل شرب كوبان آخران من الماء، وقبل السحور بنصف ساعه تناول كوبان من الماء، ثم تقسيم تناول باقي الكمية في فترة ما بعد التراويح إلى ما قبل السحور على فترات متعددة.
بالإضافة إلى ضرورة تناول الخضروات والفواكه التي تحتوي على سوائل، كالخيار والطماطم والبصل والبرتقال والبطيخ والكنتالوب.
الحرص على تناول العصائر الطبيعية التي تم تحضيرها في المنزل، مع تناول السوائل مثل الكركديه والتمر هندي والخروب لأنها تحتوي على قيمة غذائية عالية.
تجنب عزيزي تخزين المياه عن طريق شرب كميات كبيرة منها خلال السحور، حيث يتسبب ذلك في عدم القدرة على بذل الجهد والإصابة بآلام المعدة في اليوم التالي.
كما تسبب تخزين المياه إنخفاض الصوديوم بالدم، وإزدواجية الرؤية وفقدان التركيز وضيق التنفس، وقد ينتج عن تجمع السوائل في خلايا الدماغ الشعور بالصداع والغثيان وذلك نتيجة لزيادة الضغط في الجمجمة، أو تسمم الماء.
أضرار شرب الماء في رمضان بكثرة
أثار بعض الناس مخاوف من أن الإفراط في شرب الماء في رمضان أو خلال الأيام العادية قد يكون أمرًا خطيرًا، فإذا شرب الشخص الكثير من الماء من الممكن أن يؤدي ذلك إلى نقص صوديوم الدم أو تسمم الماء.
ومن أعراض الإفراط في شرب الماء، إنخفاض نسبة مستويات الصوديوم في بلازما الدم للغاية وتتمثل في إحتقان الرئة، تورم الدماغ، صداع الرأس، التعب والخمول، الإلتباس، التقيؤ، النوبات، غيبوبة، الموت.
ومن النادر حدوث نقص صوديوم الدم، ولكن عندما يحدث فإن الفئات الأكثر عرضه لنقص الصوديوم هم الرياضيين الذين يعانون من التحمل، ومرضى السكري الذين يتناولون بعض الأدوية.
يمكننا القول أن الخلاصة لكل ذلك هو إنه قد تختلف كمية شرب الماء في رمضان أو باقي أيام السنة التي يحتاجها الشخص بناءً على عمره وحجمه وأنشطته ودرجة حرارته.
على الرغم من أن العديد من الأشخاص يتبعون قاعدة ثمانية في ثمانية، إلا أنها قد تكون قديمة ومفرطة في التبسيط، وأن الجسم جيد بشكل لا يصدق في الحفاظ على توازن الماء.
يقوم الجسم في تحفيز الإنسان على شرب الكثير من الماء، وذلك عند الشعور بالعطش، وخاصة حين التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة أو ممارسة الرياضة، ويمكن الحصول على السوائل من الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الماء مثل الفواكه والخضروات.
شرب الماء والكمية المناسبة يوميا
نصح مجلس الغذاء والتغذية الأمريكي في عام 1945 الناس باستهلاك 2.5 لتر ماء يوميًا، ويندرج تحت ذلك السوائل من الأطعمة الجاهزة.
ولكن اليوم صرحت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أنه لا يوجد توصية عن مقدار الماء العادي الذي يجب أن يستهلكه البالغون يوميًا.
وعلى الجانب الآخر لا تنصح الإرشادات الغذائية الأمريكية لعام 2015-2020 بتحديد كمية محددة من الماء أو السوائل يوميًا ولكنهم يوصون باختيار الماء العادي بدلاً من الماء والعصائر.
توصي خدمة الصحة الوطنية (NHS) في المملكة المتحدة باستهلاك 6-8 أكواب من الماء يوميًا، بما في ذلك الماء الموجود في الطعام.
وترى NHS أن هذه الكمية مناسبة للمناخ المعتدل، وتقول إنه ستكون هناك حاجة إلى المزيد من شرب كميات من الماء في المناخات الأكثر حرارة.
شرب الماء حسب العمر
لا يوجد ما يسمى بكمية ثابتة من السوائل موصي بها حسب العمر، وتوضح السطور التالية متوسط استهلاك شرب الماء للأشخاص من مختلف الأعمار.
- الرضع:
لا ينصح الخبراء بالماء العادي للرضع قبل عمر 6 أشهر، وإذا احتاج الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 6 أشهر إلى سوائل إضافية في الأيام الحارة.
فيمكن للأطفال في هذا العمر تناول الماء، ومن الأفضل أن يكون الماء الذي يحصلون عليه من سوائل حليب الأم أو الحليب الاصطناعي.
- الأطفال فوق سن 12 شهرًا:
الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 شهرًا يجب تشجعيهم على شرب الماء بشكل ضروري وخاصة بعد غسل أسنانهم بالفرشاة وقبل وأثناء وبعد اللعب.
عندما تكون درجة حرارة الجو مرتفعة، فلابد من شرب الماء بكميات مناسبة، كبديل للمشروبات والعصائر ويجب على الأطفال الحد من استهلاك العصير إلى كوب واحد يوميًا.
- البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 19-30 سنة:
تعتبر الكميات الكافية الموصي بها من إجمالي المياه من جميع المصادر يوميًا لمعظم البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 30 عامًا هي 7 لتر للرجال، 2.7 لتر للنساء.
ومن المرجح أن تحتاج السيدة الحامل إلى 0.3 لتر إضافي، واللاتى يرضعن رضاعة طبيعية سيحتاجون إلى 0.7 إلى 1.1 لتر إضافي من الماء.
- كبار السن:
قد يتعرض كبار السن لخطر الجفاف بسبب الظروف الصحية والأدوية وفقدان كتلة العضلات وانخفاض وظائف الكلى وعوامل أخرى.
وأوضحت الدراسات أن البالغين الأكبر سنًا الذين يحصلون على كمية كافية من الماء هم أقل إصابة بالإمساك، ولديهم انخفاض خطر الإصابة بسرطان المثانة لدى الرجال.
أما الذين يعانون من خطر الجفاف فهم الأكثر إصابة بالتهابات المسالك البولية، والالتباس، ومن المحتمل أن يتعرضون لفشل كلوي، وتباطؤ التئام الجروح.
مصادر الحصول على المياه
تتعدد مصادر الحصول على الماء، فيمكن الحصول عليها عن طريق مياه الشرب والسوائل الأخرى، وتناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة من الماء مثل الفواكه والخضروات.
تشير بعض الاستطلاعات إلى أن 20 % من مدخول الماء إلى الجسم يأتي من الطعام والباقي من السوائل، وهذا يعتمد على النظام الغذائي.
تستعرض “بوابة القاهرة: فيما يلي بعض الأمثلة على مصادر الحصول على الماء من الأطعمة والسوائل المختلفة:
- 90 – 99 %، يوجد في الحليب الخالي من الدسم والشاي والقهوة والفواكه مثل الفراولة والشمام والخضروات مثل الخس والكرفس والسبانخ.
- 80 – 89 %، يوجد في عصير الفاكهة والزبادي والفواكه مثل التفاح والكمثرى والبرتقال والخضروات مثل الجزر والبروكلي المطبوخ.
- 70 – 79 ٪، يوجد أيضا في الموز والأفوكادو والبطاطا المخبوزة والجبن القريش.
- 60 – 69 ٪، يوجد في المكرونة، فاصولياء، بازلاء، سمك، صدور دجاج، آيس كريم.
- 30 – 39 ٪، كما يوجد الماء في الخبز، الجبن الشيدر
- 1– 9 ٪، في المكسرات والشوكولاته والبسكويت والمقرمشات والحبوب.
- 0 ٪، في الزيوت والسكريات.
كمية شرب الماء للرياضيين
أثناء التمرين قد يحتاج الناس إلى المزيد من الماء، والكمية التي يجب أن يشربوها تعتمد على نوع النشاط وشدته، والعوامل البيئية مثل درجة الحرارة، وحجم وكتلة عضلات الفرد.
وتنصح الكلية الأمريكية للطب الرياضي (ACSM) بشرب الماء أثناء ممارسة الرياضة لمنع الجفاف الذي يؤدي لإنخفاض وزن الجسم بأكثر من 2 % وتغييرات في توازن الكهارل.
يحذر الباحثون إن هذه التغييرات يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الأداء الرياضي المتوقع، مشيرين إلى أن الخسارة من الماء التي قد تصل إلى 4 % ليس لها أي تأثير على الأداء الرياضي في العالم الحقيقي.
هذا يعني أنه على الرغم من أهمية شرب الماء قبل التمرين يجب أن يقوم الشخص بتعويض السوائل المفقودة بعد التمرين، فإن شرب الماء أثناء التمرين قد لا يكون ضروريًا.
ومع ذلك إذا كان الأشخاص يمارسون الرياضة لفترات طويلة فقد يستفيدون من استهلاك الماء أو المشروبات المنحل بالكهرباء.
فوائد شرب الماء للإنسان
في معظم الأحيان قد تحافظ الآليات الطبيعية الحساسة في الجسم على مستويات السوائل المناسبة، فهناك طريقتان رئيسيتان لفعل هذا بالجسم.
الأولى، من خلال العطش الذي يخبر الشخص بشرب الماء، والثانية من خلال إخراج البول حيث تنظم الكلى الماء الذي نستهلكه إما بإفراغه في المثانة البولية أو التمسك به في بلازما الدم.
حيث تنظم الكلى أيضًا توازن الإلكتروليتات مثل الصوديوم والبوتاسيوم في سوائل الجسم، بالإضافة إلى ذلك تتلقى الالكتروليتات إشارات هرمونية لحفظ أو إطلاق الماء في البول إذا اكتشف الدماغ تغيرات في تركيز المواد المذابة في الدم.
عن شرب 8 أكواب ماء يوميا
يشاع أن الناس بحاجة إلى شرب الماء في رمضان أو الأيام العادية ما لا يقل عن 8 أكواب ماء يوميًا ومع ذلك فهذه إجابة مفرطة في التبسيط لسؤال معقد.
حيث يعمل الجسم باستمرار على الحفاظ على توازن الماء الداخل والخارج منه، فإذا شرب الاشخاص الكثير من الماء سوف يفرز الجسم المزيد.
أما إذا كانوا يشربون القليل جدًا فسوف يخرجون أقل بالإضافة إلى أن حجم الجسم ومستوى النشاط لهم دورًا في تحديد كمية الماء التي يجب أن يشربها الشخص.
على سبيل المثال إستهلاك المزيد من الصوديوم والبروتين يعني أن الشخص قد يحتاج إلى شرب المزيد من الماء.
ولكن على العكس من ذلك فإن تناول الكثير من الفاكهة والخضروات يعني أنهم قد لا يحتاجون إلى شرب الكثير.
وفي معظم الأحيان يعطي الجسم للشخص إشارات تخبره بشرب كمية أكبر أو أقل من السوائل، حيث يمتلك الجسم أيضًا هرمونًا منظمًا للماء.
يسمى الهرمون المنظم للماء “أرجينين فاسوبريسين” وهو الهرمون الذي يدير العطش وإفراز السوائل وتوازن الماء في الجسم.
العيادة الطبية بوابة القاهرة: عزيزي إن شرب الماء في رمضان أو خلال أيام العام الأخرى مهم جدا، لكن إحرص على عدم الإفراط في كل شئ.
كتبه| جهاد أمين