داليا فكري تكتب: أحوال ليست شخصية
للسائرون وراء الركب الفؤادي والتابعين للحاق بقطار الأبوة الخارج عن القضبان، انتبهوا أتعجب من حماسكم الجارف وحرقتكم المندلعة على بقايا الأبوة كأجيج نيران عمياء في ليل عاصف صرير ريحه تسمع فيه آنات الأمهات ونحيبهن على زُبد النخوة التي تلاشت بين أروقة المحاكم.
أوتدرون، ليس المشكلة هي القانون ولكن المشكلة الحقيقية هي أن الأحوال ليست شخصية، فنام من نام منكم وهو هانئ البال بعد أن استطاع أن ينتصر لشاربه بتقليل قوت فلذاته.
وربما إنتزع من فاه لقمة أو لقمتين، أو هذا الآخر الذي تقلد منصب جديد من مناصب الدهاء الأجرب بعد أن استطاع أن يثبت أن الجدران التي تأوي صغاره هي حقا ليست ملكا له وتركهم في غياهب التسكع بعضهم تحمله الطرقات وبعضهم تحمله أسرة غطاؤها شوك.
لم أجد تلك الهمة بالسير وراء الركب ذهابا وإيابا وكأن القضية التي تشغل بالكم هو الحق، فـ والله مانام حق وهو يتنازع على قوت فلذاته، ولا يعرف الحق أبدان البُلهاء فالحق متبرئ منكم، كونوا آباء أولا بل كونوا بالأحرى رجالًا حتى تكسبون على الأقل شرف تلك الكلمة، فالحشد حاضر ولكن الضمير غائب، والرجولة مغيبة.
أوتعلمون لماذا لن تجدوا مثل هذا الركب بين صفوف النساء، فدعوني أقص عليكم، هناك إمرأة تتصبب عرقا بعد يوم شاق فهي تلعب الدورين معا لأن غريزتها حتمت عليها أن ما يحتاجه هذا القلب الصغير أعمق وأفضل من اللحاق بمئة ركب.
وهناك أخرى تحاول سد ثغرة اتهامك لها بأنها أم دون المستوى لتنعم أنت بلقب أفضل مغامر في دنيا محاكم الأسرة والأفضل على الإطلاق ربما بهذا اللقب تتوج بلقب (المتملص الأخير مما أسفر عنه السرير) ويزيد عدد مؤيدوك بين نمات السهر وجلسات السمر محاولين كشف لغز اللعبة المحبوكة والدفاع الداهية الذي سيلعب بأوراق فلذاتهم ليصل لآكثر مما وصلت أنت.
وهناك نحيب وببكاء ودموع حبيسة في عين كل إمرأة بات صغيرها من دون عشاء، وهي تضع قروشها في جعبة الحسرة لتسترد بيتها أو تنازعك على ولاية أنت من دونها أغنى ولكن تستهويك حلقات (من الجاني) التي تبدع فيها كونك انت القاضي والجلاد.
للسائرون وراء الركب الفؤادي، ليت همتكم تلك كانت للحفاظ على البنيان قبل هدمه، ليت همتكم تلك، للإصرار على عدم التنازع في حقوق فلذاتكم وإعطاؤها لهم عن طيب خاطر وأنا مؤمنة أنها كانت ستغير مجرى الأحداث.
ليت همتكم تلك في احتضان أوجاعهم وتوفير حياة كريمة لهم وانتشالهم من بين أروقة المحاكم وليس تفوهات فارغة بالأبوة وحقوقها وأنتم أبعد ما يكون عنها كبُعد السماء عن الأرض.
ليتكم تنعمون بقوة الإعتراف أن الكيد لن ينحر إلا مائك، ولن يستبيح إلا عرضك، ولن تنصلح الأحوال إلا بتحكيم العقل والإنسانية ونبذ الكراهية والتنازع وتقديم مصلحة فلذاتك قبل مصلحتك، حينها فقط سينتهي الجدل وتغلق أبواب النزاع وتقفل أبواب المكائد.
فأينما وجدت الضغينة والصراع إعلموا أن الأحوال ليست شخصية.
أحوال ليست شخصية
بقلم| داليا فكري