منارة الإسلام

الصحابية رملة بنت أبي سفيان “أم حبيبة”.. صحابيات في الإسلام

صحبة جديدة، ورحلة جديدة من صحابيات في الإسلام نتعرف فيها على سيدة من نساء المؤمنين، إنها الصحابية رملة بنت أبي سفيان الملقبة باسم أم حبيبة وزوجة من زوجات الرسول الله صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

في جولة جديدة تصطحبكم فيها بوابة القاهرة مع نساء المؤمنين. سنتعرف فيها على السيدة أم حبيبة أولى النساء المؤمنات في مكة.

الصحابية رملة بنت أبي سفيان

هي بنت عم الرسول صلى الله عليه وسلم، والوحيدة من زوجاته الأقرب نسباً إليه. كما أنها أغلاهن مهرًا، ولقبت أم حبيبة بهذا الإسم نسبة إلى ابنتها من زوجها الأول.

تزوجت رملة من عبيد الله بن جحش الأسدي، ولاقت معه معاناة الكثير من المؤمنين في بدايات الدعوة الإسلامية، وكان السبيل الوحيد إليهم هو الهجرة وترك الديار.

فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يبحث عن مكان آمن لصحابته الكرام، يبعدهم عن ما لاقوه من ألوان العذاب على أيدي المشركين.

فلم يكن أمامه سبيل اختيار أحدي الأمرين، أما بلاد الروم أو الفرس. استبعد النبي الفرس لأنهم كانوا يعبدون النار، أما الروم فهم أهل كتاب.

لذا فقد أرسلهم النبي إلى بلاد الحبشة، لأنها كما كان يقول النبي أن بها ملكا لا يظلم عنده أحد.

وكانت السيدة رملة وزوجها عبيد الله ممن هاجروا إلى الحبشة، وبمجرد استقرارها واطمئنان قلبها. أصيبت بمحنة عظيمة هزت وجدانها، وهي أرتداد زوجها عن دين الله وأصبح نصرانيا.

جاء ذلك في الوقت الذي أسلم فيه النجاشي ملك الحبشة، ودخول الناس في دين الله أفواجا. وكانت أم حبيبة قد رأت رؤيا كأن زوجها في اسوأ صورة ففزعت من نومها، وفوجئت به يعلن لها تنصره.

أخبرتُه أم حبيبة بالرؤيا وأن ما فيه ليس خيرا له، وظلت تحاول معه وتثنيه عن ذلك لكنه رفض. بل ظل يشرب الخمر حتى مات.

أصاب السيدة رملة هم وغم كبير، فها هي في الغربة وحيدة طريدة مهاجرة إلى أرض غريبة، تاركة أهلها. حتى زوجها وسندها أرتد عن دين الله ثم مات.

إقرأ أيضا| الصحابية نسيبة بنت كعب

أم حبيبة

أم حبيبة أصبحت في موطن ومكانة لا يصبر عليه إلا القليل. فزادت مكانتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الذي كان يتابع أحوال الجميع من رعيَّته.

بعد أن أنقضت عدة أم حبيبة، أتاها رسول النجاشي برسالة يقول لها: فإذا هي جاريةٌ له يقال لها أبرهة، كانت تقوم على ثيابه.

فدخلت عليّ فقالت: إن النجاشي يقول لك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه ليزوجك إياه فوكلي من يزوجك برسول الله، فأرسلت إلى خالد بن سعيد العاص فوكلته.

أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب، ومن في الحبشة من المسلمين، أن يحضروا. وخطب النجاشي وقال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة.

وقد أصدقتها عنه أربعمائة دينار، يعني النجاشي كمان دفع مهرها عن رسول الله. ثم خطب خالد بن سعيد الذي وكلته أم حبيبة وقال: وأنا قد زوجتها إلى رسول الله.

ثم دعا لهم النجاشي بطعام فأكلوا؛ ثم أمر النساء أن يجمعوا جميع أنواع العطور لأم حبيبة بالعود والعنبر. ولما أم حبيبة قبضت مهرها أرادت أن تشكر النجاشي لحسن صنيعه معها.

فقال لها: أني قد تبعت دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت لله. فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله مني السلام، وتعلميه أني قد أتبعت دينه.

فلما قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته برسالة النجاشي وحبه للرسول صلى الله عليه وسلم الذي لم يراه.

زواج أم حبيبة من الرسول

احتفلت المدينة المنورة بهذا الزواج المبارك، وكانت السيدة رملة في سن 36 عاما. وقد أنزل الله تعالى في شأن هذا الزواج المبارك قوله: {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة}.

بفضل زيجة النبي برملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، صار معاوية خال المؤمنين، وصار أبو سفيان حبيب رسول الله بعد سنوات من العداوة.

ومن مواقفها مع والدها أبو سفيان ابن حرب قبل أن يسلم، فإنه حينما جاء المدينة راغباً في تمديد الهدنة في صلح الحديبية، طلب أن يريد ابنته أم حبيبة.

فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعدته عنه. وقالت له: إنه فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت مشرك نجس، فلا أحب أن تجلس على فراش نبي الله.

فرد عليها أن إسلامها شر عليها. فقالت: بل هداني الله للإسلام، وأنت كبير قريش يا أبتاه وسيدها وتكره الدخول في دين الله. وتعبد حجرًا لا يسمع ولا يبصر ولا ينفعك بشيء.

ام حبيبة كانت من نساء رسول الله التي حافظت على سننه ونقلها للأجيال فيما بعد. وهذا من تشريع التعدد لرسول الله الذي كان يضمن أن يترك نسائه ينقلون سنته.

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ظلت السيدة أم حبيبة، تنقل سنة النبي وأحاديثه، التي أصبحت نهجًا على خطى رسول الله.

عاشت أم حبيية بعد النبي صلى الله عليه وسلم، 33 سنة. وكانت رضي الله عنها حسنة الصلة بأمهات المؤمنين وحريصة على صلة الرحم بهن.

في لحظات حياتها الأخيرة، طلبت أن ترى السيدة عائشة -رضي الله عنها. فقالت لها: لقد كان بيني وبينك ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولكي. أي تطلب منها أن تسامحها وأنها أيضا قد سامحتها.

ردت عليها السيدة عائشة: غفر الله لكِ ذلك كله، وأرسلت إلى أمِّ سلمة، فقالت لها مثل ذلك، رضي الله عنهن أجمعين.

كتبه| شيماء كمال

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *