الخبراء يؤكدون أن إرتفاع الأسعار ما هو إلا جشع تجار.. مصر منبع الخيرات
الحرب الروسية الأوكرانية ما هي إلا شماعة للتجار في إختراع حيلة جديدة لزيادة الأسعار لجني الأموال والمكاسب.
أزمة إرتفاع الأسعار
الحرب على أوكرانيا هي حجة لسان حال جميع التجار لتبرير جرمهم الفاضح في إستغلال الموقف ورفع الأسعار. زيادة عن معدل الزيادة الطبيعي دون النظر للمواطن. فزيادة الأسعار طالت جميع السلع حتى “موس الحلاقة“.
ويؤكد على ذلك الدكتور وائل النحاس الخبير الإقتصادي قائلا “إن ما نشهده الآن من أزمة غلاء أسعار لن يستمر طويلا، فهي ليست أزمة مستدامة.
وأشار إلى أنه لم يحدث للآن نقص سلع أو محروقات في الوقود أو الطاقة على مستوى العالم، فبالتالي هي فترة مضاربات فقط، فما يحدث ما هو إلا متاجرة بالأزمة، أساسها صناعة إعلامية بدأت بمتاجرة إحدى القنوات العربية بأزمة الطفل المغربي، وإتجهوا للمتاجرة بعد ذلك بأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، فروسيا وأوكرانيا لم يمتنعوا حتى الآن عن تصدير منتجاتهم، فكل شىء كما هو.
إقرأ المزيد| ما هي الحروب التجارية وأسلحتها وأسبابها
النحاس: إرتفاع نصيب الفلاح من زكاة المحاصيل الزراعية بسبب ارتفاع أسعار الذهب
وأضاف “النحاس” لـ”بوابة القاهرة” إنه إذا إتخذت أمريكا قرار بعدم الإستيراد من روسيا سوف يزداد المعروض الروسي لدى باقي دول العالم، وإذا تم إقصاء أمريكا لروسيا خارج منطقة السويفت (الدفع بالدولار) حينها سوف تضطر روسيا للبيع خارج منطقة الدولار وللتعامل بالعملات المحلية للدول الأخرى.
قد يهمك قراءة| علاج الخوف من الناس والمشاكل
جشع التجار
أما لما يوجد في مصر من مشاكل فمنذ إشعال فتيل الحرب حتى الآن وبدخول شهر رمضان ومن قبلها إجازة السنة الصينية فبالتالي كل ما هو مستورد حتى الآن لم يتحمل آثار الحرب أو أية مشاكل عالمية.
موضحًا أن المشكلة هنا تكمن حين طبقت الدولة منظومة تم تفعيلها أول مارس وهي إلزام التاجر قبل إستيراد أي شىء من الخارج عليه إبلاغ الجمارك والمنظومة الديمقراطية الجديدة من قبلها بشهر، فبالتالي سيعمل ذلك على عزوف كمية كبيرة من التجار والمستوردين إنتظارًا لما ستؤول إليه الأوضاع.
في نفس الوقت تم تطبيق الإعتماد المستندي الجديد (إيداع الفلوس بالكامل قبل الإستيراد بشهر) عدا المواد الغذائية، ولكن هناك الكثير من التجار ينتظرون الإنتهاء من ما لديهم من بضائع أولا ثم التفكير في إستيراد الجديد.
وبين الدكتور وائل النحاس أن الأزمة هنا أزمة مضاربات، ويجب محاسبة المسؤول عن إدخال هذه الكميات الضخمة من المنتجات بهدف التربح منها، فلم يحدث إستيراد من بداية فبراير حتى الآن، فكل ما يوجد في السوق من سلع ومنتجات تم إستيراده من قبل هذه الأزمة.
منوهًا إلى ضرورة زيادة الرقابة على الأسعار لمنع إستغلال التجار، وإنه ليس من المحتمل أن تتأثر قوافل المجتمع المدني الغذائية خلال شهر رمضان، لآن إستيراد كل ما يخص مستلزمات شهر رمضان يتم من قبلها بشهرين.
ويضيف “النحاس” أن الأزمة الحقيقية هنا تكمن في إرتفاع أسعار الذهب مما يؤدي إلى إرتفاع نصيب زكاة الفرد، وإرتفاع أسعار المحاصيل الزراعية، وبالتالي هتزيد حصة نصيب الفلاح في الزكاة، فسيعتبر المكسب هنا في حقيقة الأمر يحمل خسارة بسبب إرتفاع الأسعار.
منوهًا إلى إنه حتى الآن لم يشهد العالم تغيرات في الأسعار أو إختفاء لمواد وسلع معينة أو أي نقص في الإمدادات، ما يحدث الآن هو فترة مضاربة معروفة منذ 22 فبراير إلى 22 إبريل، والعالم سيشهد تقلبات سعرية، ويعتبر شهر رمضان هو الموسم الحقيقي لكل تاجر.
مطمئنا، ليس من المتوقع حدوث زيادة في الأسعار لأن الأسواق سعرت الأزمة، إلا إذا حدثت تطورات للأزمة مثل قطع الملاحة عن روسيا أو إندلاع حرب عالمية أو إمتناع روسيا عن التصدير.
منوها إلى تحذير الدولة المسبق منذ نوفمبر الماضي بزياده الأسعار، بداية من فبراير إلى إبريل، متوقعا إنتهاء الأزمة مع إنتهاء شهر رمضان.
أما عن حظر النفط الروسي، أوضح “النحاس” أنه تم حظر إستيراد النفط الروسي بسبب التعامل بنظام السويفت فقط، ويعتبر ذلك ميزة لمصر والدول العربية بسبب إنخفاض سعر القمح والنفط الروسي فيما بعد.
موضحًا أنه قبل مشكلة القرم اتجه كل من روسيا والصين منذ 2014 إلى إنشاء بنك البنية التحتية بديلا عن البنك المركزي الفيدرالي الأمريكي، إنضم لها 67 دولة من بينهم دول أوروبية، خصص لمنظومة التحويلات النقدية، بمعنى إستخدام العملات المحلية لهذه الدول في التبادلات التجارية بديلا عن الدولار، وأنشأ له لوبي بديل للوبي البنك الدولي.
ويوضح الدكتور وائل النحاس أنه على الجانب السياحي لم تعتمد مصر على القادمون من روسيا وأوكرانيا فهم ليسوا بالعدد الكبير.
وأضاف، لكن علينا الإستفادة من الوضع وإستغلال ما لدينا من أماكن سياحية خلابة كالعالمين الجديدة والجلالة، للسياح القادمون من أمريكا والدول الأوروبية، ونعمل كبديل لروسيا وأوكرانيا.
منوها إلى أن مؤتمر المناخ الإقتصادي أصبح أكبر دعاية لجذب السياح وتعزيز وتنشيط الجانب السياحي، بالإضافة إلى ضرورة توطيد العلاقة مع قطر، وإستغلال كأس العالم 2022، بعقد اتفاق مع قطر وإستخدام ما لدى من المنتجعات السياحية ترانزيت للجماهير للذهاب والعودة من وإلى قطر خلال ساعتين.
وأكد “النحاس” على ضرورة التحالف بين الدول العربية فيما بينها وإستغلال الأراضي المنسقة بين مصر والسودان والعمل على زراعتها قمح بالكامل، والحرص على خلق إكتفاء ذاتي من القمح واللحوم والدجاج والبيض والأجبان والألبان، والتفكير فى سياسية إدارة الأزمات، وليس تصدير المشكلات للمواطنين.
وطالب أبوبكر الديب، مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، بالتوسع في زراعة القمح لتحقيق الإكتفاء الذاتي بعد أزمة القمح الأوكراني، بالإضافة إلى زيادة تصدير الغاز لتعويض جزء من فاتورة استيراد النفط
الديب: تخوفات من لجوء مصر للدين الخارجي بسبب أزمة الغلاء العالمية
وأوضح “الديب” لـ”بوابة القاهرة” أن مصر ستتأثر بارتفاع أسعار البترول من عدة جوانب أهمها، أسعار السولار والبنزين وباقي المنتجات البترولية الأخرى، والتي تتم مراجعتها كل 3 أشهر، بناءً على تطورات أسعار النفط العالمية، إلى جانب تأثيرها على بند الإنفاق على دعم المواد البترولية في الموازنة العامة للدولة، وبالتالي التأثير على عجز الموازنة.
وأضاف، وبما أن مصر دولة مستوردة للزيت الخام والمشتقات البترولية لذا فإن أي زيادة في الأسعار تؤثر بالطبع على الأسعار والموازنة العامة للدولة.
موضحًا أن مصر تقدر برميل خام برنت في موازنة العام الجاري عند 60 دولارًا، وهو ما يعني أن الأسعار الحالية لخام برنت أصبحت أعلى من ضعف السعر المقدر في الموازنة العامة للدولة، فضلا عن التوقعات بإرتفاعه إلى 200 وربما 300 دولار للبرميل، مثلما حذرت روسيا.
وأشار أبوبكر الديب إلى أن كل زيادة بمقدار 10 دولارات في سعر النفط العالمي عن السعر المقدر له في الموازنة العامة لمصر، سيترتب عليه ارتفاع نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.2% إلى 0.3%، فكل دولار زيادة في النفط العالمي يكلف الموازنة 3 مليارات جنيه.
وتابع، وحتى توقعات وزير المالية بارتفاع تكلفة استيراد القمح من الخارج بأكثر من 12 مليار جنيه في الموازنة الحالية، بسبب التأثير السلبي للتوترات الجيوسياسية العالمية الراهنة، سيكون نوعا من التفاؤل لأن النفط سيرفع أيضا أسعار القمح من جديد.
وأضاف، كما أن الحديد والصناعات المعدنية أبرز القطاعات التي تأثرت بالحربـ حيث يتم استيراد خام الحديد من أوكرانيا، الأمر الذي توقف حاليا بسبب الحرب، مما يعني أن سعر طن الحديد سيرتفع وهو ما حدث خلال الساعات الماضية.
وأكد مستشار المركز العربي للدراسات أنه ستكون هناك موجة غلاء وارتفاع الأسعار لكل السلع الأساسية والاستهلاكية والخدمات، واضطرار الدولة للدين من جديد.
وعلى الجانب الآخر، علق محمود فؤاد المدير التنفيذى للمركز المصري لحماية الحق في الدواء، على الأزمة الروسية الأوكرانية، قائلًا لـ”بوابة القاهرة” إن العالم كله يشهد أزمات شديدة جدًا طالت كل الأسعار مثل، المواد الخام ومن أهمها، أسعار المواد الخام الخاصة بالدواء، فلم يحدث إرتفاع حتى الآن.
وأشار إلى أن مصانع الأدوية في مصر يوجد لديها وفر في المواد الخام بكميات إضافية كبيرة بسبب ظروف الشحن وخلافه.
الحق في الدواء: ارتفاع أسعار 20 صنف دواء خلال شهرين
وتوقع محمود فؤاد أنه من الممكن خلال شهر أن نبدأ في التعامل من البداية وهنا يحدث إصطدام بالأسعار، فنحن نتحدث عن صناعة رفيعة المستوى تعتمد على تكنولوجية عالية وتحتاج طاقة كبيرة وتعتمد على خدمات أخرى، فبزيادة أسعار ما سبق، بالتالي هذه الصناعة سوف تتأثر بشكل أو بآخر.
موضحًا، أن الدواء في مصر مسعر جبريًا، بمعنى أن سعر شريط الدواء ثابت في كل مكان مهما كان، لآن المتحكم الوحيد في تحريك سعر الدواء هو رئيس الوزراء، لأنه بيتم نشر الأسعار الجديدة في الجريدة الرسمية حسب نص قانون التسعير الجبري.
وأضاف، أخشى أن يحدث أزمة أن أصحاب مصانع الأدوية وبالأخص الشركات الصغيرة أن يحجموا عن الشراء، فيوجد تخوف من ذلك.
كل هذا بخلاف القرارات الخاصة بالجمارك الفترة الأخيرة، موضحا أن الشركات غير قادرة على دفع كامل مستحقات الشحنة القادمة للبنك لأنها كانت معتادة على نظام الأقساط، بمعنى الدفع على فترات، فبالتالي يوجد أكثر من مشكلة أحدثت تخوفات على سوق الدواء في مصر، نحن لم نصل إلى هذا الحد ولا نتمنى حدوث ذلك ولكننا في الطريق إليه.
وأكد “فؤاد” على أنه يوجد لدينا إكتفاء ذاتي من الأدوية في مصر حيث يوجد حوالي 13 ألف صنف دواء، منهم 8 آلاف صنف يتم إنتاجهم فعليا موجودين بالسوق، يكفوا الإستهلاك بنسبة 90 %، أما الـ 10% هي الأدوية الحيوية الإستراتيجية المنقذة للحياة، التي يجب علينا التخوف أن يحدث بها أزمة مثل، ألأنسولين وأدوية مرض القلب.
وأضاف مدير المركز المصرى لحمايه الحق في الدواء، أن العالم سيعاني من إنسحاب روسيا من السوق أو العقوبات المفروضة عليها، مما هيقلل ذلك من خروج لقاح كورونا الذي تنتجه روسيا بنسبة إنتشار 18% من اللقاحات الموجودة.
وأشار إلى أن دول كثيرة تعتمد على اللقاح الروسي، ولم يتبين حتى الآن سبل منظمة الصحة العالمية في كيفية تعويض هذا الفقد، أو ماذا سيتم في الصفقات المنعقدة بين روسيا والدول الأخرى، لتوريد صفقات اللقاحات، فهناك تخوفات في العالم من وجود نقص شديد، مع إحتمالية وجود هجمة كبيرة سوف تسبب رعب للدول.
ويوضح “فؤاد” دور المراكز الخاصة بالدواء في رصد الزيادات الطارئة التي تحدث وأوضاع الصناعة الموجودة في مصر، نحن نتحدث هنا عن صناعة كبيرة حققت أكتر من 3.5 مليار دولار فى 2021، أصبح السوق به نسبة نمو وصلت 12%.
وتابع، بالإضافة إلى إنه يوجد نسبة إستثمارات جديدة تخطت 850 مليون جنيه، فالسوق المصري جاذب للإستثمارات، فهو من أكبر الأسواق، لكن دائما ستظل إشكالية التسعير بالنسبة.
منوها إلى إهتمامهم كمصدر حقوقي برصد الأسعار، فالشهريين الماضيين تم رصد ما يقرب من 20 صنف دواء أسعارهم زادت بنسب تتراوح ما بين 5 جنيهات إلى 30 و 50 جنيه، ولكن عندما سألنا هيئة الدواء كان ردها أن هذه الأسعار من الشركات المنتجة لهذه الأدوية، لأن هذه الشركات قدمت دراسات جدول وأثبتت أنها تخسر على المستوى الإقتصادي، فبالتالي يتم تحريك السعر الخاص بهذه الأدوية، وفقا لسياسة الشركة المنتجة.
مشيرا إلى أنهم كهيئة طالبنا قبل الأزمة منذ بداية صدور القرارات الخاصة بالجمارك أن يتم إعفاء الدواء من كل ذلك حتى لا تتأثر صناعة الدواء.
بالإضافة إلى مراجعة كمية المواد الخام الخاصة بالأدوية التي تدخل مصر، حتى لا نفاجىء بعدم قدرة إنتاج شركة ما لصنف دواء معين بسبب نقص المواد الخام الخاصة به، وبالطبع حدثت إستجابة لمطالبنا ولكن عدم وجود وزير صحة أوجد خلل كبير.
مؤكدًا على أن الأزمة التي يشهدها العالم ستؤثر على دول كثيرة وخاصة الدول النامية، سوف تؤثر بدورها على النظام الغذائي الموجود بالعالم، فهناك تقرير البنك الدولي يحمل تخوفات شديدة من حدوث بعض التوترات في دول العالم الثالث بسبب إرتفاع أسعار المواد الخام أو المواد الغذائية أو أسعار الطاقة.
ونصح مدير المركز المصري للحق في الدواء، بضرورة أن يتخلص العالم سريعًا من كابوس الحرب. لأن جميع الدول متورطة بالفعل بسبب السرعة في إصدار العقوبات خلال أسبوع واحد. فسيؤثر ذلك على الدول الأوروبية بأكملها. وستعاني مصر وخصوصا في إستيراد القمح وتأثر الجانب السياحي. فالعالم متورط بحرب نتيجة أحلام بالسيطرة والتوسعات.
ويؤكد السيد شبل، الكاتب والباحث السياسي، لـ”بوابة القاهرة” إن ثمة تأثير سلبي طال العالم كله جراء المعارك التي تجري في أوكرانيا. ولا شك أن الوطن العربي يطاله ما طال الآخرين، وهذا يدفع الحكومات العربية لمزيد من التآزر للعبور من تلك الأزمة. والتفكير في حلول غير تقليدية بهدف النجاة
شبل: توحيد المصلحة العربية يخفف من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية
ويضيف، ولا شك أن المواطن المصري والعربي محدود الدخل هو الذي سيدفع ضريبة تلك الأزمة. حيث ستتخطى متطلباته حاجز دخله. مما يجعله ساخطًا على حكومته بالأساس، التي سيراها عاجزة عن توفير سبل عيش كريم له.
مؤكدًا أن أي بادرة نحو توحيد المصلحة العربية في هذه اللحظة، سيخفف من الأزمة. فمثلا مصر وليبيا دولتان عربيتان مرشحتان بجدية لتحقيق هذا النوع من التعاون. حيث تحتاج مصر إلى نفط ليبيا وما يخلقه من عوائد. وتحتاج ليبيا إلى قوة الدولة المصرية لتحقيق الأمن والاستقرار واستعادة نمط الحياة الآمن.
وعن ارتفاع أسعار السلع، يقول السيد شبل، فرغم الآثار المؤكدة للأزمة الأوكرانية، إلا أن هذا لا يمنع من وجود جشع لدى التجار. حيث يحاول البعض التعلل بالأزمة بهدف رفع الأسعار المبالغ فيها، وتحقيق مكاسب أكبر. وهنا لا بد من وقفة تقوم بها الحكومة، لكبح معدلات التضخم التي سترتفع إلى حد جنوني.
كتبه| جهاد رمزي