الآثار الغارقة تحت الماء متاحف مدفونة تبحث عن طوق نجاة
يعد علم الآثار الغارقة تحت الماء من العلوم حديثة النشأة، وبسببه تغير المفهوم من على آثار ما تحت الأرض فقط، لتصبح ما تحت الأرض والماء.
تحظى مصر بجميع أنواع الآثار الغارقة من سفن وقطع بحرية وقطع أثرية ومدن غارقة بها العديد من الأسرار ما تكفي أعوامًا للحديث عنها.
دفعت هذه القطع والمدن الغارقة، المجلس الأعلي للآثار لإنشاء إدارة متخصصة للآثار الغارقة عام 1996.
الآثار الغارقة تحت الماء
يعتبر البحر الأبيض المتوسط وتحديدًا منطقة أبو قير، المليئة بـ آثار سفن الحملة الفرنسية، والتي تعد من أهم المواقع الآثرية في البحر الأبيض، حتى زاع سيطها عالميًا.
يقول عبد الله العطار الخبير الأثري ورئيس مجموعة انقاذ آثار أسطول “نابليون بونابرت”، لـ”بوابة القاهرة” إن الإسكندرية هي المدينة الأولى للآثار الغارقة التي تنتمي لعصور مختلفة، وأشهرها هي أسطول الحملة الفرنسية الذي يرقد في خليج أبو قير.
أوضح رئيس مجموعة انقاذ آثار أسطول “نابليون بونابرت”، أن قبل غرق الأسطول. أرسل الفرنسيون سفينة “الباتريوت” التجسسية على الشواطئ المصرية لمعرفة أنسب الأماكن ليرسى عليها أسطولهم الفرنسي، أستعدادًا لغزو مصر.
وعندما أقتربت “الباتريوت” من منطقة العجمي في محافظة الإسكندرية أصطدمت بالصخور. ومكثت في مياهنا الإقليمية، وعند غزو الأسطول الفرنسي لمصر غرقت أربعة قطع بحرية في منطقة أبو قير.
اكتشاف سفينة الباتريوت
غير أن اكتشافها كان له طرفة تتوارثها الأجيال، وأسهمت في تغير الاكتشافات الآثرية. ولها قصة طريفة كما يرويها عماد إدريس الخبير الاأري. قائلا، إن رسالة غرام كانت السبب وراء اكتشاف مكان غرق الباتريوت الفرنسية.
حيث كان هناك أحد جنود الحملة الفرنسية على متن السفينة ويكتب رسالة غرام لمحبوبتة في باريس. ويذكر في الخطاب مكان تواجده تفصيليًا كأنها رسالة إلى قيادتة البحرية ويخبرهم فيها عن مكانه في عرض البحر.
ويطوي هذه الرسالة ويضعها في زجاجة ويلقيها في مياه البحر لتجرفها المياه فتصل إلى السواحل الإيطالية. وتتفاوض السلطات الإيطالية مع الفرنسية على هذه الرسالة.
وبالتعاون مع البحرية المصرية يتم أكتشاف “الباتريوت”، في منطقة العجمي. وتم إنتشال ما بها لوضعه في متحف “قايتباي للسفن الغارقة” بالإسكندرية.
سفينة البوريوم
ومن “الباتريوت”، إلى “البوريوم” ينتقل إدريس. حيث يقول “ومن بين السفن التي آثارت الاندهاش سفينة قيادة الأسطول الفرنسي “البوريوم” حيث وجدت مكتوب عليها حين تم اكتشافها بالفرنسية. ما معناه “بدون سروال”.
يرجع ذلك أنه كانت هناك حالة من الغضب بين الجنود في أيام الثورة الفرنسية. لأنهم يعيشون في حالة من التقشف والإستياء، وأن غزوهم لمصر سيفقدهم سروالهم.
ولم يكن من الممكن أن يتم تجاهل كل ذلك بما يمثله من قيمة أثرية وتاريخية يقصدها القاصي والداني. بل وتحتل أهمية كبيرة عند كثير من الدول.
الأمر الذي دعا المسئولون في الآثار المصرية إلى وضع الأمر موضع الأهتمام واتخاذ الإجراءات العملية للحفاظ على هذا الشكل الأثري.
إنشاء إدارة الآثار الغارقة
وهو ما يقرره، جهاد الراوي المتحدث الإعلامي بوزارة الآثار. قائلًا، أنه في عام 1996 قرر المجلس الأعلي للآثار، إنشاء إدارة جديدة متخصصة في الآثار الغارقة تحت الماء. لإنتشالها والإستفادة منها سياحيًا كآثر معروض في المتاحف أو كآثر غارق محفز لسياحة الغوص.
مما يعود علينا بالنفع مرتين، الأول بإنتشال القطع الآثرية ووضعها بالمتاحف. والثاني ترك شاسية هيكل السفينة للإستفادة منه في سياحة الغوص.
فيما أوضح الراوي، أنه قبل عملية الإنتشال يتم ترقيم الأثر الغارق لعدم تعرضة للتفكك أثناء انتشاله. وهذا هو الدور الرئيسي لإدراة الآثار الغارقة.
ولا يعني ذلك هو إدارة الملف السفن الغارقة على نحو جيد وإنما وقف مشروع حصر انتشال هذه السفن من الستينات. حيث كان مخططًا للشواطئ المصرية أن تستفيد من ذلك بأكبر قدر ممكن.
مشروع انتشال السفن الغارقة
وفي حديث الدكتور عزت حسن رئيس مركز التدريب البحري والمحاكاة الأسبق لهيئة قناة السويس. ما يؤيد ذلك.
يقول: إن والده تقدم للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمشروع الانتشال للسفن في جميع السواحل المصرية. وأمر عبد الناصر بدراسة المشروع لأهميته على الاقتصاد المصري، وللأسف لم يبت النظر فيه.
وأوضح الدكتور عزت، أن لديه جميع المعلومات لمواقع السفن الغارقة. مشيرًا إلى أن هذا المشروع يمكن أن يكون ضمن المشروعات الواعدة. التي تسستقطب الشركات العالمية في مجال انتشال السفن والاستثمار في مشروع تنمية محور قناة السويس لقربها من مواقع السفن الغارقة.
وأكد أن المشرع يعمل على توفير مئات الملايين من العملة الصعبة، وتوفير فرص العمل. بجانب ذلك توفير احتياجات المصانع من السفن المنتشلة الخردة، لافتًا إلى أن وجود هذه السفن تهدد أمن وسلامة الملاحة البحرية.
وعلى الجانب الآخر، يقول سعد الشيمي أستاذ المصورين تحت الماء، لـ”بوابة القاهرة” إن هذه السفن أثر غارق محفز لسياحة الغوص تحت الماء.
وأضاف أن هذه السياحة تفيد الاقتصاد القومي وتزيد من مكانة مصر سياحيًا، نظرًا لاهتمام السائح بهذه الرياضة.
وأوضح أن هذه القطع الغارقة تسعى إليها الأسماك الكبيرة من مختلف الأنواع لتكون مأوى خاص بهم. فتعطي لقاع البحر مظهرًا جماليًا.
كتبه| أحمد سلامة