نساء يحاربن المجتمع بمهن تلفظها بيئتهن: الشغل مش عيب ولا حرام
على الرغم من أننا نهلل كل عام بانتصار المرأة على ذاتها والصمود أمام العقبات إلا أن مجتمعاتنا العربية مازالت تحظر بعض المهن على المرأة.
وعلى الرغم من أن العديد من الإناث بالفعل يعملن في تلك المهن ولكن في الخفاء، البعض منهن يشارك ذويهن بحقيقة عملهن. والبعض الآخر يظل يتبع الأكاذيب ويختلق القصص خوفاً من شعور الأهل ونظرة المجتمع.
الشغل مش عيب
تقول “جيهان”: الشغل مش عيب طالما بالحلال. بس إحنا إلا عقولنا مريضة والناس قادرة إنها تلوع أي حاجة وتكدب ونبقى لبانة في بقهم. عشان كده بنضطر نكدب عشان محدش يلسن علينا“.
وتروي جيهان قصتها لـ”بوابة القاهرة” 26 عاماً والتي تعمل في بار إحدى فنادق القاهرة. تقدم المشروبات. ولكن تلك المهنة المعابة من المجتمعات الشرقية. كانت سببًا في أن تختلق جيهان أكذوبة عملها في مستشفى خاص بمرضى الشيخوخة. والذي يضطرها للمبيت معهم.
المسئولية وكسرة النفس والحوجة. كانت سببًا رئيسيًا لآن تقبل جيهان بتلك المهنة. التي أكدت أن راتبها مناسب إلى جانب البقشيش الذي يسمح لها بمساعدة أخواتها ليكملوا تعليمهم.
وبحسب “جيهان” فهي لديها أخ وأخت في المرحلة الثانوية. ونظرًا لإصابة والدها بمرض السرطان الذي أقعده طريح الفراش ومعاش والدها الـ1200 جنيها. لا يسمن ولا يغني من جوع لسد مطالب المعيشة ومصاريف التعليم والدروس. قبلت بهذه المهنة.
تقول: “كنت شغالة الأول في دار مسنين خاص وكنت بضطر إني ابات هناك أحيانًا. أنا خريجة خدمة اجتماعية وكان الشغل إلى حد ما بيكفي طلباتي وبساعد في مصروف البيت بسيط. لكن بعد مرض والدي المصاريف اتكومت أدوية لوالدي ولوالدتي ومصاريف دروس وكتب وملازم، ده غير الأكل والشرب”.
وتابعت: “واحدة صديقتي عرضت عليا الشغل ده. ورغم ترددي وافقت لما لقيت الراتب كويس والبقشيش كبير. قلت أحسن ما أمد إيدي للناس ولا نتحوج. والناس تشمت فينا وكل إلا حواليا عارفين إني لسه شغالة في دار المسنين”.
جليسة مسنين بالمنزل
لم تغني شهادتها العالية أو تقديرها الممتاز عن كف يدها والحصول على وظيفة محترمة. حيث تخرجت سالي من كلية الأداب قسم فلسفة منذ أكثر من 7 أعوام. ولكنها لم تستطيع أن تعمل سوى بعض المهن البسيطة التي كانت تصرف راتبها كله في المواصلات ولم يكفي مطالبها هي فقط.
بعد أن كانت تعمل سكرتيرة في إحدى الشركات بمدينة نصر. تعرفت على رجل أعمال كويتي الجنسية طلب منها أن تراعي والدته المريضة أثناء فترة تواجده في مصر. وراتبها كبير إلى جانب الكسوة. فقبلت وتخلت عن الشهادة.
تقول سالي: شغالة بخدم ست كبيرة عشان المرتب مش هيخليني محوجة لحد “كنت شغالة سكرتيرة وباخد 700 جنيه في الشهر مكنوش بيكفوني مواصلات بس. وأنا مخطوبة وعندي مصاريف جهاز ولازم أساعد في مصروف البيت ولو بسيط. عشان والدي شغال موظف في وزارة النقل واحنا 4 بنات كل واحده محتاجة تقلها فلوس”.
وتابعت: “لما عرض عليا رجل الأعمال إلا كان بيتردد على الشركة إلا كنت شغالة فيها إني أراعي والدته المريضة طوال فترة وجودة في مصر. لأنه مش دائما بيجي كام شهر بس وبيجيب أمه معاه عشان مالهاش غيره. لما قالي إني هاخد 350 دينار غير الكسوة. مابصتش لشهادة ولا لغيرها”.
وأضافت: “وفيها أيه طالما مابعملش حاجة غلط. أنا كل يوم بروح بيتنا عادي أبات فيه. بس في أوقات لما مابيجيش هو يبات مع والدته بضطر أبات، أهلي عارفين أنا بشتغل فين لكن خطيبي لا”.
في المجتمعات الغربية لا يوجد ما يعيب أي مهنة مادامت شريفة وتكفل معيشة كريمة للإنسان. ولكن في المجتمعات الشرقية بعض المهن ينظر لها بالدونية. خاصةً وإن كان من يمتهنها ذو تعليم عالي.
وظيفة الجليسة لإمرأة مسنة في بيت رجل عربي كانت وستظل شوكة في ظهر من يمتهنها. على الرغم من شرفها ولكن الخوف من القصص المسرودة والإشاعات المغرضة كافي أن يقهر ويضطر أصحابها الكذب على تلك الألسنة.
فاستكملت سالي لـ”بوابة القاهرة”، “أنا خبيت على خطيبي عشان الرجل الشرقي غيور وفي ميت سؤال بيدور في رأسه. لو عرف إني شغالة في بيت راجل عربي ممكن فكره يروح لبعيد ويفكر السوء وممكن يعايرني بعد الجواز إني كنت براعي ست كبيرة”.
وأضافت: “عشان كده أتفقت أنا وعيلتي أننا نخبي عنه وأنا أول ما أكمل جهازي ويقرب معاد فرحي هسيب الشغل ده. أنا أتفقت على كده مع صاحب الشغل”.
وتابعت: “مجتماعتنا الشرقية لو مقعدوش يغمزوا بعض علينا. كل واحدة فاضية هتطلع كلام على كيفها ويخترعوا قصص عشان عقولهم المريضة. هتقول شقة مقفولة يا عالم بيحصل فيها أيه. وهو أصلا نادر أما بيجي، عشان كده أنا بضطر أخدم أمه وأرعايها”.
وأضافت: “أهلي بس إلا يخصوني. لكن أي حد تاني عارف إني شغاله في شركة عادي والباقي ميخصهمش”.
مطربة حفلات
وتقول ولاء: الناس عندها انفصام يلسنوا فينا بالنهار، وبالليل يسقفوا للنجوم اللي شغالين نفس شغلي”. وفيها أيه لما أغني في صالات وحفلات طالما مبعملش حاجة غلط”.
وصفت ولاء حالها بالمزري بعد أن إضطرت لأن تعول أمها المسنة وإبنها بعد أن طلقها الزوج ورفض الإنفاق على إبنه. وبعد مرار المحاكم حكمت المحكمة بـ150 نفقة صغير. وهي لا تسد مصاريف المعيشة. خاصةً إنها ليس لديها مصدر رزق آخر.
إضطرت ولاء للعمل في الغناء في الصالات والحفلات الخاصة. حتى تساعد نفسها وذويها على الحياة بكرامة دون مد أيديهم لأحد.
فقالت ولاء: “إحنا عندنا الناس بوشين ومنافقين أنا الموضوع جه معايا بالصدفة. كنت في فرح واحده صاحبتي وأحنا عندنا الأفراح في الشارع وكنت نادره أغني في فرحها وغنيت والناس أنبسطت”.
وأضافت: “أتعرض عليا أغني في الأفراح مع فرقة. رفضت طبعاً عشان الناس كانت هتاكل وشي. خاصةً أني مطلقة هما ينبسطوا، بس طالما هتبقى مهنتي هيقطعوا في فروتي”.
وتابعت: “بس بعد ما جعت واتحوجت، الناس مش هتصرف على إبني وتراعي أمي. فنزلت أغني. وكان أخويا على طول مرافقني ومخلي باله مني. وبقيت أغني في صالات ومراكب عائمة في ضمن برنامج والناس جيراني كانوا بيحترموني ويعملولي حساب عشان الفلوس ظاهرة ومش محوجة وبجيب أحسن أكل وأحسن لبس”.
واستكملت: “في الأول قالوا إني أتجوزت في السر راجل غني ومخبية عشان إبني مايتاخدش مني. لكن بعد ما عرفوا الحقيقة بقت كل جارة بكلمة ويلقحوا عليا أنا وأخويا. ومن ساعتها عزلت وسبت المنطقة الشعبية دي وخدت شقة في حتة تانيه محدش يسأل ولا يعرف عني حاجة”.
واختتمت ولاء حديثها لـ”بوابة القاهرة”: “إحنا عندنا ناس منافقة يشيلوكي على رأسهم عشان معاكي قرش. لكن لو شموا إنك شغاله شغلانة مش على مزاجهم يقطعوا فيكي وينموا عليكي. وهما بيوتهم كلها فيها العجب. بس مابيشوفوش عيوب نفسهم. دايمًا يبصوا على اللي في بيوت الناس وده اللي بيخلينا نكدب رغم إنها شغلانه شريفة”.
وأضافت: “أنا بغني مش برقص ولا ببيع جسمي. وحتى لو في نجوم بيشتغلوا شغلانتي والناس شايلاهم من على الأرض. بس إحنا مجتمعنا عنده انفصام في الشخصية يسب ويلعن بالنهار ويقعد يسقف ويمسح جوخ بالليل“.
كتبه| داليا فكري