مقالات وآراء

محمد الشعلان يكتب.. تطور الإرهاب وتداعياته في المنطقة العربية

إن ظهور الإرهاب ليس وليد اليوم، بل هو قديم، ومنذ ظهور الإنسان والإمبراطوريات لكن يختلف باختلاف أنواعه محلي أو دولي، وأماكنه في أوروبا أو آسيا، أو أسبابه.

وهناك مناطق ذات أهمية ومناطق ذات موقع إستراتيجي تشتمل على منافذ بحرية مطلة على مناطق التواصل بين القارات التي تكمن أهميتها خصوصا في تنقل التجارة من جهة أو من خلال حملات توسعية مثل بريطانيا وفرنسا سابقا، ونقصد هنا منطقة الشرق الأوسط.

كما يعد تاريخ 2011 منعرجا في تاريخ الشرق الأوسط مثل سقوط جدار برلين في أوروبا وهذا لشهودها انتفاضات منها في مصر، أدت إلى سقوط النظام الحاكم لعشرات السنين.

ومحاولات أخرى في الخليج واليمن بسقوط النظام فيها، وقيام جماعات إرهابية بالتشويش فيها، وكذا تدهور خطير في العراق وسوريا.

وعرفت منطقة الشرق الأوسط صراع على النفوذ في المنطقة، وتنافس وهذا بين القوى الكبرى، نظرًا للموقع الاستراتيجي للمنطقة.

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 عموماـ وبعد الحراك العربي 2011 خصوصا، حدثت مجموعة من المتغيرات سواء على مستوى أمن الدول أو تطور الإرهاب وفاعليته في إعطاء ضربات لجيوش نظامية قوية.

فنجد أنه أصبحت هذه الجماعات الإرهابية على غير ما سبق في فترات ماضية بعد ما كانت مجهولة العدد والموقع، ومحدودة العتاد والأسلحة.

وأصبحت تملك أعداد كبيرة من المقاتلين ذو الكفاءة القتالية، وخبرة في المعارك والتكتيك، تضاهي الجيوش النظامية، وتنوع للأسلحة.

وليس هذا فحسب، بل من ناحية الجماعات الإرهابية التي كانت لا تملك مكان محدد أصبحت اليوم تملك رقعة جغرافية معلومة وواسعة تمتد من مناطق في العراق إلى سوريا، وهي مهيكلة في تنظيمها وتحمل شعار وتدعي الخلافة على بلاد العرب والإسلام ونقصد هنا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.

أقرأ أيضا.. التعليم الهندسي في مصر بين تراكمات الأمس وآمال الغد

بالرغم من كل هذه المستجدات التي أحدثها الحراك العربي والتدهور الأمني في المنطقة ونقصد خصوصا العراق وسوريا ووقوع مصادر الطاقة كالبترول والغاز في بيئة متوترة وفي أيادي إرهابية، إلا أنها لم تزل ذات أهمية للقوى الكبرى، نضرا للأهمية التي توليها هذه الأخيرة للمنطقة.

غير أن هناك من ينظر إلى حالة التنظيم الإرهابي في المنطقة إلى أنه بداية عصر جديد ومنعرج في طبيعة التنظيمات الإرهابية.

وهو إضافة إلى ما سبق امتلاكها لإقليم وشعب يعيش داخل الإقليم، أي أنها أصبحت لا يفصلها عن القيام بدولة سوى الاعتراف.

تطور الإرهاب وتداعياته في المنطقة العربية

هناك مجموعة من الأسباب التي كانت وراء اختيار “تطور ظاهرة الإرهاب في الشرق الأوسط وتداعياتها على أمن الدول داعش أنموذجا”:

  • الأسباب الموضوعية

ترتبط بالموضوع في حد ذاته حيث أصبح يلقى اهتماما من داخل الأوساط الأكاديمية، خاصة في أسباب الاهتمام بالمنطقة، وكذلك تطور الإرهاب، لهذا نسعى للوقوف على الأسباب والأنواع والخصائص والأهداف من الإرهاب وخاصية هذا الاهتمام.

  • الأسباب الذاتية

لعل أهم ما دفعنا إلى اختيار هذا الموضوع هو قربه وعلاقته الجغرافية بمنطقتنا وبلدنا الجزائر الذي ليس بمنأى عن الارتدادات الأمنية على المنطقة، وهو موضوع جديد ومعاصر.

وحسب اطلاعنا المتواضع نقص الدراسات في هذا الموضوع لهذا رغبنا في المساهمة ولو بشيء بسيط في إثراء الدراسات حوله هذا من جهة.

ومن جهة أخرى كون القضايا المتعلقة بتنظيم داعش لا تزال جديدة، مما سيزيد من الاهتمام بها وهذا ما سيعطي مجالا بحثيا واسعا في المستقبل يتماشى مع التطورات المستقبلية في المنطقة.

  • أهمية الموضوع

تكمن أهمية الموضوع في نقطتين أساسيتين: الأولى، وهذا بحديثه عن أهم القضايا السياسة الدولية وهي ظاهرة الإرهاب التي أصبحت تربك الدول وتضعها في موقف محرج في الساحة الدولية أمام تعقد العلاقات الدولية، خاصة وأن التنظيمات الإرهابية قد عرفت تطورا لم يسبق، وأن شهدت الساحة الدولية مثله.

الثانية: كما تزداد أهمية الحديث عن الإرهاب عند ربطه بمنطقة ذات أهمية جيو إستراتيجية كمنطقة الشرق الأوسط وكون الموضوع يسلط الضوء على أكبر وأهم تنظيم إرهابي لحد الساعة، والذي يتواجد في المنطقة وهو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.

تُعد ظاهرة الإرهاب المتازيدة في العالم من أخطر أشكال التهديدات الأمنية التي تواجه الدول لأنها تستهدف في جانب مهم منها أمن واستقرار ومستقبل مجتمعاتها.

لاسيما إذ جمع الفعل الإرهابي بين مطامع وأهداف القوى الخارجية التي لا تريد استخدام أدواتها المباشرة، وإنما بالاعتماد على محركات في خلق الأزمات داخل الدول المستهدفة أو استغلال حدودها أو الظروف السياسية المحيطة أو في أحيان أخرى تفرق في لحمة ونسيج المجتمع داخل تلك الدولة.

وقد يشجع فئة من فئاته إلى سلوك يلحق الضرر في المجتمع مما يهدد سلامته بما في ذلك استخدام العنف وصولا لتحقيق أهداف سياسية أو مصالح فئوية قد تنعكس في جانب منها خدمة لأطراف خارجية إقليمية أو دولية.

وقد كان هناك دائما اتجاهان بخصوص تفسير ظاهرة الإرهاب الدولي وهما: الاتجاه الأول، كان ينظر إلى الإرهاب الدولي لما تسببه الجريمة من رعب عام وشامل.

ومن حيث استخدام الإرهاب كوسائل من شأنها إحداث خطر عام، وما ينجم عنها من أضرار عامة ليست فقط بالنسبة للمواطنين في دولة واحدة، وهي مكان وقوع الجريمة، بل بالنسبة لكل المواطنين والأجانب أيضا.

الاتجاه الثاني: فقد اقترب أكثر من تحديد مفهوم وشكل الإرهاب الدولي وذلك وفقا لما يلحق بالمصالح الدولية من أضرار نتيجة للعمليات الإرهابية من خلال وجود عنصرين أولهما إذا كان الهدف من الإرهاب هو إثارة الاضطرابات في العلاقات الدولية، والثاني إذا اختلفت جنسية الفاعل أو جنسية الضحية أو مكان ارتكاب الجريمة.

تعدد أساليب ووسائل القائمين على العمليات الإرهابية، وفقا للأهداف الخاصة بتلك العمليات، وطبيعة ووقت تنفيذ تلك العمليات، إلى جانب عوامل أخرى قد تحكم عملية الاختيار من بين تلك الأساليب، ومن بين أهم أساليب: التفجيرات والاغتيالات والتفجيرات.

ويستند هذا الأسلوب على إيقاع أكبر الخسائر في الهدف المنتحب، وذلك باستخدام أنواع متعددة من القنابل التفجيرية.

ويُعد هذا الأسلوب من أكثر الأساليب شويعا في العالم، حيث احتل المرتبة الأولى في أساليب الإرهاب 46 %، والهجوم في المرتبة الثانية 22 %، واختطاف الطائرات 12 %، والاغتيالات 9.5 %، واختطاف الأفراد 6%، وأخرى 4.5 % الاغتيالات، ويلجأ إليها الإرهابيون لتنفيذ مخططاتهم، والاغتيال هو القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.

ويوجه الاغتيال في الغالب ضد شخصيات هامة في الدولة لها تأثيرها على الرأي العام وخاصة إذا كان تأثير هذه الشخصية يتعارض وأهداف الجامعة الإرهابية أو الدولة التي تمارس الإرهاب.

وقد تلجأ الجماعة الإرهابية إلى هذا الأسلوب من الأساليب الإرهابية لإحداث حالة من الفزع والرعب لدى القادة السياسيين في الدولة ليفهموا أنهم لن يكونوا بمأمن حتى لو كانت السلطة في أيديهم.

بقلم| طيار مهندس

محمد الشعلان

بلجيكا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *