طائفة من العادات والسلوكيات المذمومة ينبغي تركها في رمضان
الحمد لله حمدًا على حمد، والشكر له على كل ما به أمد، والصلاة على رسوله الهادي إلى الرشد، وآله وصحبه أسوة كل مهتد وبعد، من المعلوم أن العادات والأعراف حجة في الأحكام الشرعية ومصدر من مصادر التشريع الإسلامي، إذا لم تخالف النصوص الشرعية والمقررات الأصولية عند جماعة كبيرة من الأصوليين.
أنها إذا خالفت نصًا أو عارضت أصلًا، خرجت عن كونها حجة وصارت عادة مذمومة ينبغي على المُكلف اجتنابها.
عادات وسلوكيات مذمومة في شهر رمضان
وسوف نعرض في هذا المقال طائفة من العادات المذمومة والسلوكيات الغير مستحسنة التي تشيع في مجتمعنا المسلم خلال شهر رمضان الكريم، وقد يحسبها الناس هينة، لكنها من الخطورة، فنحذر منها ونرغب عنها ونذكر وجه مذمتها.
وهنا سنتناول أربع عادات مذمومات، هي الأخطر من وجهة نظري، ونوضح نظرة الشرع إليهن بشئ من الإجمال وهي العادات الآتية: التقصير في العمل وعدم إتقانه، النوم الكثير في نهار رمضان، الإسراف في الطعام والشراب والإضاءة والكهرباء، وأخيرًا الألعاب النارية وإحداث الضجيج.
عدم إتقان العمل
هذه ظاهرة مذمومة، وشائعة بين كثير من الموظفين – إلا من رحم ربي – في رمضان وفي غير رمضان، ولكنها تربو في شهر رمضان بشكل ملحوظ بحجة التعب والإرهاق والنصب والوصب.
ولا شك أن هذه حجج واهية وأحاديث فارغة يجعلها هؤلاء مطية للدعة والتقاعس وخيانة الضمير، ولا وجه لحجتهم، إلا أن أهوائهم تملي عليهم ذلك.
والدليل على سوء مسلكهم هذا ووهن حجتهم أن المعارك الإسلامية الكبرى والفاصلة كانت في شهر رمضان كغزوة بدر، وفتح مكة، وعين جالوت، وحرب أكتوبر المجيدة، كما لايخفي.
فإذا كان أبطال المسلمين قد عالجوا حروبًا ضروسة في أثناء صيامهم أيصير لهؤلاء حجة بعد ذلك، وإذا كان هؤلاء قد قرؤا آية فرض الصيام أفلم يلاحظوا قول المولى سبحانه وهو يتحدث عن الغاية من فرض الصيام “كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”، فأين التقوى من خيانة الضمير وإهمال الواجب والتعسير علي عباد الله؟!
فليحذر هؤلاء كل الحذر لآن الوسيلة إن لم تؤد إلى الغاية فلا قيمة لها، ولذلك يحدثنا رسول الله فيقول: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.
وينبغي عليهم أيضًا يعلموا أن شهر رمضان شهر العمل والكفاح لا شهر الدعة والإرتياح، فالحرمان المادي الذي امتاز به شهر رمضان إنما يصب في مصلحة الصائم روحيًا وجسديًا ويعينه على القيام بمهمات الحياة من عمل وغيره على أكمل وجه.
فالطعام الكثير يؤدي إلى التخمة والركون إلى الأرض، ولذلك قال سيد الكائنات “حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه”، فلا يليق أبدًا بالصائم أن يدع العمل في هذا الشهر الكريم.
النوم الكثير في نهار رمضان
إن الراجح من أقوال الفقهاء والذي استقر عليه العمل، أن النائم عمدًا في نهار رمضان صومه صحيح لآنه قد أتى بصورة الصيام الحسية وهذا مايهم الفقهاء في مضمار الصحة والفساد، ولكن هذا المتحايل يفعل أمرًا مكروهًا ومذمومًا، وقبول صيامه راجع إلى الله تعالي.
واني لأكاد أشبه هذا النوع من الناس بأهل القرية التي كانت حاضرة البحر إذ حرم الله عليهم الصيد يوم السبت وكانت الحيتان لاتوجد إلا فيه، فتحايلوا على الله ورموا الشباك يوم السبت وأخرجوها بما فيها من صيد يوم الأحد، تعالي الله عما يفعلون.
فذلك الصائم الذي يتحايل على الصيام ينبغي أن يعلم أن الله ماشرع الصوم ليشق عليه، بل شرعه للتربية وترويض النفس على الاستقامة، بحيث أن النفس إذا استقامت في رمضان يستحيل أن تزيغ بعده.
وفي هذا المعني يقول مولانا سبحانه: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون”.
وأي فائدةً تكون للصيام إذا لم تلحق صاحبه بعض المشقة، فينبغي على أصحاب هذه العادة أن يدعوها على الفور، ويمتثلوا أمر ربهم.
الإسراف في الطعام والشراب
لا شك أن الإسراف أمر مذموم شرعًا وعقلًا، ولذلك تنأى النفوس المستقيمة عنه، وديننا الحنيف قد رغبنا عن هذا الخصلة الذميمة وحذرنا منها في عدة نصوص.
حيث قال الله عز وجل: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين”، وقال تعالى: “إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين”.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جارِ”، فالإسراف مذموم في ديننا، في كل شئ حتى في العبادة.
والذين علموا أن الجوع والعطش من أجل الفقراء سيردعهم ذلك عن مجاوزة الحد فيما يأكلون ويشربون، ولذلك كان رسول الله، يفطر على التمر ويحث الناس على الإفطار به.
إلا وإن الأموال التي يدخرها الناس قبيل رمضان ليشتروا بها صنوف المطعومات والمشروبات إنما الاحرى أن يوظفونها لخدمة الفقراء.
وهذا ما كان يفعله الرعيل الأول وعلى رأسهم سيد الكائنات الذي كان كما أخبر عنه أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.
استهلاك الكهرباء في شهر رمضان
كذلك من العادات التي يجب أن تُترك، ما نراه من المبالغة في الإضاءة واستهلاك الكهرباء من أجل تزيين الشوارع والأزقة، فهذا وإن كان مظهرًا من مظاهر الإحتفاء بهذا الشهر الكريم إلا أن المبالغة فيه تعد من صور الإسراف المحرمة شرعًا.
ولا يخفي ما في ذلك من استهلاك لموارد الدولة ومقدرات الوطن في غير ما طائل، فلا بأس إذًا فى اليسير من هذه المظاهر التي اعتاد عليها الناس طالما إنها لا تجلب ضررًا ولا تعارض منفعةً.
الألعاب النارية في رمضان
إن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد قنن لنا قانون يحمل بين طياته آلاف المسائل الشرعية، بل إن شئت فقل ملايينها، ذلكم القانون هو قوله صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”.
ومن هذا المنطلق فإن استخدام الألعاب النارية وإحداث الضجيج بها وايذاء الناس بأصواتها أمرًا غير جائز شرعًا، ولا يعد من صور اللعب المباحة.
فقد يكون في الناس من به علة أو مرض، وقد يكون طالب يؤمل أن ينفع الناس من خلال انكبابه على كتبه الدراسية، وقد يكون رجلًا قد أنهكه الضرب في الأرض فيؤمل.
بقلم| أحمد عابد محفوظ