منارة الإسلام

الصحابية خولة بنت ثعلبة المجادلة التي سمع الله كلامها.. صحابيات في الإسلام

قطفنا لكم اليوم زهرة من بستان صحابيات في الإسلام، المرأة المجادلة، التي جادلت الرسول صلى الله عليه وسلم، وسمعها الله من فوق سبع سماوات، فأجابها الله عز وجل في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، إنها الصحابية خولة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت، فتعالوا نتعرف على قصتها.

تصطحبكم بوابة القاهرة في جولة جديدة مع صحابية حدث خلاف كبير بينها وبين زوجها، زلزل بيت من بيوت المسلمين.

الصحابية خولة بنت ثعلبة

انفعل أوس بن الصامت على زوجته “خولة” في لحظة غضب وفقد السيطرة على نفسه وقال لها: أنتِ علي كظهر أمي.

ومعني هذا القسم أنها محرمة عليه، فلا يلمسها ولا يقترب منها كزوجة، وكان يسمي هذا القسم بالظهار، وكان يمينا معروفا في الجاهلية.

وقد مر هذا الخلاف عاديا على الزوج؛ حتى أنه أراد أن يرجع فيه، لكن المرأة المسلمة العفيفة. قالت له: والله لقد تكلمت أمر عظيم، ولن تنال مني حتى ارجع إلى رسول الله.

قررت خولة بنت ثعلبة أن تعرض أمرها على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بكل عزة وشرف خشية أن ترتكب معصية أو إثم.

وذهبت بالفعل إليه وروت له ماحدث، ما تلقى من معاملة زوجها السيئة لها. فقال لها رسول الله: ما أراكي إلا وقد حرمتِ عليه.

وهنا أخذت في جدال رسول الله قائله له: “إن زوجي أبو أبنائي وابن عمي واحب الناس إلي، لكنه يا رسول ما قال لي انتي طالق، ماتلفظ بيمين الطلاق يارسول الله؛ ولكن قال أنتي عليا كظهر أمي“.

فرد عليها النبي نفس رده السابق (ما أراكي إلا وقد حرمتي عليه). ثم تعود وتشرح للنبي ما سيحدث لأسرتها من تفكك وأنهيار. والنبي على موقفه ويرى أنها قد حرمت عليه.

إقرأ أيضا| الصحابية فاطمة بنت أسد

ما قصة المرأة المجادلة وما مفهوم الظهار

لم تجد خولة بنت ثعلبة ملجأ إلا وجه الله، حتى تشكو إليه همها. ثم اتجهت خولة نحو الكعبة الشريفة، ورفعت يديها إلى السماء وفي قلبها حزن وأسى، تشكو إلى الله وجعها وألمها.

ودعت الله عز وجل أن ينزل على لسان نبيه ما فيه فرج لها، حتى أن السيدة عائشة رضي الله عنها تأثرت لحالتها. وروت أن خولة بكت وأبكت كل من في البيت.

وذكرت لهم الصحابية خولة أن لها صبية صغار، أن ضممتهم إليها جاعوا وأن ضممتهم إليه ضاعوا.

إقرأ أيضا| الصحابية أم كلثوم بنت عقبة

سبب نزول سورة المجادلة

وما كادت السيدة خولة تنتهي من دعائها حتى نزل الوحي على سيدنا محمد بآيات ترق لحال تلك المرأة المجادلة. وأخبرها النبي أن الله قد أنزل فيها قرآن، وتلي عليها آيات سورة المجادلة التالية:

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير و الَّذِينَ يُظَاهِرُون مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ) صدق الله العظيم.

ثم شرح النبي صلى الله عليه وسلم لها كفارة الظهار. فأمرها النبي أن يعتق زوجها رقبة، فأخبرته أنه ليس عنده ما يعتق، فقال لها إن يصم شهرين متتابعين.

بعد ذلك ردت أنه شيخ كبير لا يستطيع الصوم، قال: فليطعم ستين مسكينًا حتى ولو بالتمر، فقالت ايضا ما ذاك عنده.

هنا أخرجها النبي من محنتها بمساعدته لها بعرق من التمر ففرحت وأخبرت النبي انها سوف تعين زوجها بعرق آخر. فرد النبي أحسنت وإذهبي فتصدقي عنه، واعتني بزوجك وابناءك.

وخرجت خولة رضي الله عنها تحمد الله على عطائه واستجابته لدعائها، فذهبت لزوجها فرحة تحكي له ما أخبرها به رسول الله، عن كفارة يمينه.

فوائد من قصة المجادلة

سبحان الله فهذه الآيات من أول سورة المجادلة كانت في فترة حساسة جدًا في الدعوة الإسلامية وهي وحي السماء للأرض. الله سبحانه وتعالي القدير، يرق لشأن أسرة صغيرة فقيرة.

وقد سمع سبحانه وتعالى قضية هذه المرأة، وهي تحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي صورة تملأ القلب بوجود الله وقربه وعطفه ورعايته، ليس لأنبيائه فقط بل رحمة وعون لكل عباده.

الصحابية خولة بنت ثعلبة العاقلة البليغة عندما واجهتها مشكلة كادت أن تنهي حياتها الأسرية. لم تستسلم بل واجهت وصبرت وأخذت باسباب السماء ولجأت إلى الله. وكانت سببًا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل المسلمين والمسلمات جميعًا إلى يوم القيامة.

ومن المواقف التي جمعتها بسيدنا عمر بن الخطاب، أنه قابلها أيام خلافته وهو راكبا على حماره. ثم أخذت تعظه أن يتقي الله في الرعية. فقد نال منزلة عظيمة لخلافته للمسلمين. وتذكره بالعقاب والحساب، وسيدنا عمر مصغيا إليها سعيدًا بها.

وعندما طال كلامها معه. تدخل أحد رفقاء سيدنا عمر قائلا لها في غضب: “أكثرت أيتها المرأة العجوز حديثك مع أمير المؤمنين“.

ثم قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه له: “دعها إنها خولة بنت ثعلبة، التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات وأنا أحق أن أسمع لها”. رضي الله عن سيدنا عمر بن الخطاب وعن الصحابية الجليلة خولة بنت ثعلبة.

كتبه| شيماء كمال

موضوعات متعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *